advertisement

مقتل الحاكم بأمر الله على يد شقيقته الكبرى

advertisement

الحاكم بأمر الله هو الاسم الذي يطلق على المنصور نزار بن المعز لدين الله، وهو ابن المنصور إسماعيل بن القائم محمد بن المهدي، والذي كان الخليفة الفاطمي السادس والإمام الإسماعيلي السادس عشر. حكم من عام 996 إلى 1021. ولد في مصر وخلف والده العزيز بالله عندما كان في الحادية عشرة من عمره، وكان له لقب أبو علي نسبة إلى ابنه علي الظاهر. يعتبره بعض الشيعة الإسماعيلية، مثل النزاريين والدروز، شخصية مقدسة وإلهية. تميز حكمه بالتوترات مع الخلافة العباسية التي حاولت تقويض نفوذه، والقرامطة التي خاض معها صراعات. يوجد جدل حول تاريخه وإرثه، وتختلف آراء المؤرخين حول شخصيته وأفعاله.

advertisement

نهاية الحاكم على يد شقيقته الكبرى

تمت نهاية الحاكم على يد شقيقته الكبرى، وقد شهدت الأيام الأخيرة له العديد من التطورات المهمة التي كشف عنها المؤرخ المقريزي في كتابه. أكد المقريزي مسئولية أخت الحاكم في قتله وتدبير نهايته. كانت أخته، الملقبة بـ “ست الملك”، امرأة حازمة وأكبر سنًا من الحاكم. كانت لها السيطرة عليه طوال طفولته، ولكن عندما بلغ الحاكم سن الرشد وتخلص من برجوان، وأراد أخذ كل السلطة من أخته، بدأ صراع بينهما استمر لفترة طويلة. تطورت العلاقة بينهما حتى وصلت إلى نقطة الانهيار، حيث جرت بعض المناقشات في عام 410 هـ، وأساء الحاكم لأخته بألفاظ فاحشة، ووصلت العلاقة بينهما إلى أقصى حدود العداء. قامت “ست الملك” بمراسلة حسن بن علي بن دواس، الذي كان يخشى الحاكم، وتحالفت معه لقتل الحاكم. قامت “ست الملك” بتجنيد عبدين وأقسمتهما على السرية، ودفعت لهما مبلغًا كبيرًا من المال مقابل قتله. وعندما حاول الحاكم الصعود إلى الجبل كما كان يفعل دائمًا، حاولت أمه منعه خوفًا عليه، لكنه أصر على ما يريد وركب حماره ودخل المنطقة التي كان يدخلها. اختفى العبدان في ذلك المكان وظهرا عليه وضرباه وقتلوه، ثم حملا جثته إلى أخته ودفنته، وتم قتل أعوانه. تأثر الناس بغياب الحاكم، وأرسلت لهم رسالة تفيد بأنه أخبرها بأنه سيغيب لمدة سبعة أيام وسيرسل لها بتوجيهاته، ثم قامت بترتيب رسل يتظاهرون بالذهاب والعودة باوامره. وخلال ذلك، تفاقمت شوكة الأمور وتوقف الناس عن التحقيق في المسألة. قامت “ست الملك” بجلب ابن دواس واتفقت معه على تمثيل الظاهر بن الحاكم وإظهاره أمام الجماهير، وعلى رأسه تاج جده العزيز. نفذ ابن دواس ذلك، وأدَّى الناس البيعة، باستثناء غلام تتركية رفض البيعة حتى يتأكد من أخبار سيده الحاكم، فقتل هذا الغلام.

ما حدث بعد اختفاء الحاكم؟

advertisement

بعد أن تأكدت الشقيقة الكبرى للحاكم من وفاته أو قتله، قامت بإرسال أحد الأمراء الكتامين إلى دمشق للقبض على ولي العهد عبد الرحيم بن إلياس. تم اقتياده إلى مصر وقتله في القصر. بذلك، نجحت الشقيقة في إنهاء هذا الوضع الشاذ الذي رغب فيه الحاكم بأمر من الله.تلا ذلك بقتل حسين بن علي بن دواس الكتامي، وأيضًا كل من كانت تخاف منه ومن مؤامرتها للقضاء على الحاكم. كان هدفها الأساسي تأمين انتقال السلطة بسلام من الحاكم إلى ابنه وولي العهد الشرعي، أبي الحسن علي. كان يعيش مع أمه في قصر سيدة الملك منذ عام 404 هـ، وتولى الخلافة باسم “الظاهر لإعزاز دين الله”. تمت البيعة له في عيد الأضحى عام 411 هـ.

advertisement

وبذلك، أصبحت سيدة الملك في الواقع هي الحاكمة الفعلية للبلاد. في البداية، اعتمدت على رئيس الرؤساء، خطير الملك أبي الحسين عمار بن محمد، ثم أمرت بقتله في ذي القعدة من عام 412 هـ وشرعت في تدبير المملكة بنفسها. استمرت في تنفيذ الأوامر بتوقيع يخرج عنها بخط أبي البيان الصقلي عبدها حتى وفاتها في 11 ذي القعدة عام 413 هـ، الموافق 5 فبراير عام 1022 ميلادية.

ماذا حدث بعد مقتل الحاكم؟

بعد مقتل الحاكم، تولى أبو الحسن الظاهر الخلافة على مصر في شهر شوال عام 411 هـ. قامت عمته “ست الملك” بالوصاية عليه في الفترة الأولى من حكمه، حيث أظهرت كفاءة ممتازة في إدارة شؤون البلاد وتقديم العون للجنود. استمرت في مراقبة أعمال الدولة حتى وفاتها في عام 415 هـ.

advertisement

ويُذكر في التاريخ أن الظاهر كان شخصًا سمحًا وعاقلاً، ونال محبة أهل الذمة واكتسب عطفهم بفضل سياسته الحكيمة. كان يولي اهتمامًا خاصًا للحرية الدينية وتحسين أحوال البلاد والزراعة. ومع ذلك، لم يتمكن الظاهر من استكمال فترة حكمه للبلاد، حيث أصيب بالاستسقاء وتوفي في منتصف شعبان سنة 427 هـ. عندما علم وزيره الجرجرائي بذلك، قام بإجراء البيعة لابنه أبو تميم المستنصر، الذي تولى الخلافة وهو في السابعة من عمره في يوم وفاة والده. واستمر في الخلافة لمدة 60 سنة و4 أشهر، وكان أطول الخلفاء عهدًا. وعلى الرغم من ذلك، لم تكن مصر تتمتع بالاستقرار والسلام طوال هذه الفترة، بل تعرضت لأحداث سياسية واقتصادية واجتماعية تسببت في تزعزع الحكم الفاطمي في المنطقة.

توسعت سلطة الفاطميين إلى المناطق المجاورة مثل الشام وفلسطين والحجاز وصقلية وشمال إفريقيا. كان اسم الظاهر معروفًا في جميع أنحاء البلاد الممتدة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر، وكذلك في صقلية واليمن والحجاز والموصل وحتى في بغداد، عاصمة العباسيين. ومع ذلك، بعض هذه البلاد خرجت من سلطة الفاطميين، حيث أعلن بلكين بن زيري استقلاله وأسس الدولة الزيرية في عام 362 هـ، وتبعه الحماديون في عام 398 هـ. وفي سنة 443 هـ، تقلصت سلطة الفاطميين في بلاد المغرب، وفي سنة 475 هـ، استولى روجز الزمندي على صقلية التي كانت تابعة للفاطميين منذ نهاية القرن الثالث الهجري، وأقام أمير مكة والمدينة طاعتهم في عام 462 هـ.

وهكذا انتهت شخصية الحاكم بأمر الله التي تميزت بالغموض والعجائب سواء أثناء حياته أو بعد وفاته.

advertisement