advertisement

وفاة المعز لدين الله الفاطمي

advertisement

لماذا فتح المعز لدين الله مصر؟

advertisement

تشمل العوامل التي شجعت المعز على فتح مصر استتباب الأمن في بلاد المغرب بعد إخماد ثورة أبي يزيد وانتشار الاضطرابات والفوضى في مصر بعد وفاة كافور الذي كان يحكمها سابقًا. بالإضافة إلى ذلك، كانت الخلافة العباسية مضعفة ومشغولة بدفع البيزنطيين عن أراضيها، وقد تأيد الشيعة في مصر الدعوة الفاطمية، حتى وجهوا رسائل للمعز يطلبون منه إرسال جيش لفتح هذه البلاد.لعب يعقوب بن كلس دورًا كبيرًا في بيان حالة الضعف التي سادت مصر بعد وفاة كافور، حيث هرب من البلاد واتصل بالمعز. وبناءً على ذلك، حث الخليفة على إرسال جيوشه إلى مصر. سار جوهر الصقلى نحو مصر في شهر ربيع الأول عام ٣٥٨ هجرية، ومر عبر برقة واستأنف المسيرة نحو الإسكندرية. وبدون مقاومة، فتحت الأبواب أمامه ومنع جنوده من المساس بالأهالي. استطاع المعز كبح عزيمة جنوده الذين كانت لهم توسعة في الأرازق.

مصر تحت سيطرة الدولة الفاطمية

بعد رحيل سلاطين الأخشيديين والعباسيين عن مصر، أصبحت البلاد تحت سيطرة الدولة الفاطمية. تحقق حلم الخليفة المعز والخلفاء الفاطميين السابقين بتحويل القاهرة إلى مركز إمبراطوريتهم الواسعة. جوهر، الحاكم الفاطمي، ركز بعد ذلك على توسيع نفوذ الدولة الفاطمية في بلاد الشام وفلسطين والحجاز التي كانت تابعة لمصر منذ الفتح السابق. وقد اشتهر جوهر بشجاعته وقدراته القيادية، ولذلك ابتعد عن مصر لكي لا ينافسه في حكمها.

advertisement

في معركة الرملة، التقى جيش الحسن بن عبيد الله بجيش جوهر، وحدثت مواجهة عنيفة، وتم أسر الحسن وجنوده، ثم تم سجنه في الفسطاط. بعدها، تم إرساله إلى بلاد المغرب، حيث بقي هناك حتى وفاته في سنة 371 هجرية.لكن جوهر لم يحظ بتأييد شعب الشام، وظلوا يحاولون تنفيذ مؤامرات للتخلص من حكم الفاطميين الذين اختلفوا معهم في المذهب الديني. استعان الشاميون بالقرامطة والأتراك، الذين أصبحوا تهديدًا أكبر خلال فترة حكم المعز. ولكن لم يتم القضاء على هذا الخطر إلا في عهد ابن المعز العزيز بالله.

جوهر الصقلي حاكما لمصر قبل قدوم المعز

جوهر الصقلي حكم مصر بأسم الخلافة الفاطمية منذ فتحها وحتى قدوم المعز. استمرت فترة حكمه لمدة أربع سنوات، من العام 358 إلى 362 هجرية. خلال هذه المدة، تغلب جوهر على العقبات وقضى على المتاعب، وأعد العدة لاستقبال الخليفة الفاطمي بما يليق به من جلال وعظمة.في أول أمسية له بالعاصمة، قام جوهر بتأسيس مدينة جديدة شمال القاهرة وسماها المنصورية. كما قام ببناء قصر فخم لاستقبال الخليفة عند قدومه، وأنشأ الجامع الأزهر وأقيمت فيه صلاة لأول مرة في السابع من رمضان عام 361 هجرية.

وفيما يتعلق بالاضطرابات الداخلية، قضى جوهر على جميع المعارضين للسلطة الجديدة. قاوم جماعة القرامطة التي كانت تتقاضى إتاوة من حكام دمشق وقطع الاتاوة التي تابعت للفاطميين. هذا الإجراء أثار زعماء القرامطة الذين استولوا على دمشق وحاولوا مهاجمة مصر. لكن جوهر تصدى لهم بجيش كبير واستعاد دمشق منهم. بعد وصول المعز إلى مصر، قام القرامطة بتجديد نشاطهم ضد الفاطميين، لكن المعز استخدم الأموال لاستمالة بعض قادتهم وانتصر على الباقين.

advertisement

بعد هذه الأحداث، رأى جوهر أن الوقت قد حان لاستقبال المعز في مصر، وبعث برسالة إليه يدعوه إلى ذلك. غادر المعز المنصورية في شوال عام 361 هجرية ووصل إلى القاهرة في رمضان عام 362 هجرية. استلم زمام الأمور من جوهر، وخلع هذا القائد خلعة مهيبة وقدم له هدايا وجوائز تقديرًا لنجاحه وخدماته للدولة.

بالرغم من أن فترة حكم المعز في مصر لم تكن طويلة، إلا أنه قام بالعديد من الإصلاحات. وضع أنظمة طيبة وعادلة، وأطلق سراح المسجونين ونشر العدل وحسن الإدارة. قمع جنوده ومنعهم من البقاء خارج ثكناتهم بعد الغروب، وألغى نظام الالتزام وأقام صلة مباشرة بين الدولة ودافعي الضرائب. كما كان متسامحًا جدًا مع المسيحيين وعين العديد منهم في المناصب المهمة. أعماله شملت أيضًا تجديد كسوة الكعبة بفخامة وعظمة، وأمر بإنشاء خريطة للعالم من الحرير الأزرق ذات الوضوح العالي تظهر كافة أقطار العالم.

بفضل هذه الإصلاحات، أصبح عهد المعز مرحلة من التقدم والاستقرار في مصر. انتشرت الأمن واستقرت الأمور، وأصبحت القاهرة مركزًا للعلم والثقافة في ذلك الوقت. قام المعز بجهود ملحوظة لنشر الدعوة الشيعية وخدمتها، واستعان بالعلماء والشعراء، حيث كان الشعر يعتبر وسيلة إعلامية رئيسية في تلك الأيام. كما كان المصريون يحتفلون بستة موالد ويحتفلون بأعياد عاشوراء والغدير.

advertisement

وفاة المعز لدين الله وتولى ابنه العزيز بالله مكانه

advertisement

في عام 365 هجرية، توفي المعز لدين الله الفاطمي، وتولى ابنه العزيز بالله خلافته في سن العشرين. على الرغم من صغر سنه، إلا أن العزيز بالله كان رجلا شجاعا وشهما، وقاد البلاد بحكمة وتسامح، وأظهر بطولة وشجاعة في قيادة الجيوش.

فترة حكم العزيز بالله عُرفت بأنها أزهى عصور الدولة الفاطمية، حيث توسعت سيطرة الدولة الفاطمية بشكل كبير تحت حكمه. امتدت سيطرته على جميع الأقاليم الواقعة بين المحيط الأطلسي والبحر الأحمر، بالإضافة إلى اليمن والحجاز ودمشق وأحيانًا الموصل. ولم تكن خلافة مصر تقتصر على منافسة خلافة بغداد فحسب، بل تفوقت عليها وأصبحت الدولة الإسلامية الكبرى الوحيدة في شرق البحر المتوسط.

تعتبر إصلاحات العزيز بالله في المجال الاجتماعي والثقافي أمرًا هامًا. بدأ في بناء الجامع الأزهر وأتمه، وأسس مكتبة عظيمة تحتوي على آلاف المجلدات تضم مختلف المواضيع العلمية والقانونية والفقهية واللغوية والتاريخية والفلكية والدينية والكيميائية. كما قام بنشر المذهب الشيعي وجعله إلزاميًا للمصريين، وطلب من القضاة أن يصدروا أحكامهم وفقًا لقوانينه.

كان العزيز بالله متسامحًا مع أهل الذمة (غير المسلمين)، وتزوج امرأتين مسيحيتين. كان يخاف أكثر على دعوته الشيعية من أهل السنة، ولذلك قد استعان بوزراء من خلفيات دينية مختلفة، بما في ذلك وزير يهودي يُدعى يعقوب بن كلس الذي أسلم وأصبح مؤمنًا بمذهب آل البيت.

يُذكر أنه قام بجلب الأتراك والزنج واعتمد عليهم في الشؤون العسكرية، بالإضافة إلى البربر الذين قدموا مع جوهر ثم مع أبيه، ولكن هذا التوجه العسكري تسبب في ظهور اضطرابات في الدولة بعدما جاء خلفاء غير قادرون على مواجهة النفوذ والسلطة لدى هؤلاء العسكريين.

باختصار، كانت فترة حكم العزيز بالله مميزة بتوسع الدولة الفاطمية وإصلاحاته الاجتماعية والثقافية، وتعايشه المتسامح مع أهل الذمة واستقطابه لوزراء من خلفيات دينية مختلفة.

advertisement

بماذا وصى العزيز ولده الحاكم قبل موته؟

بحسب وصية العزيز بالله، فقد أوصى ولده الحاكم بثلاثة من كبار رجال الدولة. وكانت تلك الشخصيات هي: برجوان الصقلي الذي كان خادمًا وكبير خزائنه، والحسن بن عمار الكتامي زعيم قبيلة الكتامة المغربية وعماد الدولة الفاطمية، ومحمد بن النعمان قاضي القضاة. العزيز بالله وثق بالولدين الأول والثاني وعهد إليهما بالوصاية الفعلية على الدولة.

برجوان، المعروف أيضًا باسم “أبو الفتوح”، كان خادمًا صقليًا رفيع المنصب في القصر، واختاره العزيز بالله وأعطاه إمارة القصر، ومنحه لقب “الاستاذ”، وهو من الألقاب الوزارية في الدولة الفاطمية. وكان برجوان يتمتع بثقة كبيرة من العزيز بالله وكان له تأثير قوي ومقدرة في توجيهه. لكن بمرور الوقت، نشبت خلافات ومنافسة بين برجوان والحسن بن عمار، وتصاعدت التوترات بينهما.

أما الحسن بن عمار، فقد تولى في البداية إدارة الشؤون بلقب “أمين الدولة”، وهذا اللقب كان فريدًا في الدولة الفاطمية. عمل الحسن بن عمار على استعادة نفوذ قبيلة الكتامة وضعف نفوذها الذي قام وزير الدولة يعقوب بن كلس بالعمل على ضعفه أثناء حكم المعز والعزيز. ظهر الحسن بن عمار بمظهر الحاكم المطلق، حيث كان يدخل القصر ويغادره راكبًا، وألزم الناس بالترجل أمامه، باستثناء الخاصة والأكابر من أتباعه الشيعة. وقد وجّه الحسن بن عمار الكثير من الأموال لدعم أتباعه وأنصاره.

advertisement