advertisement

الأحداث التي أثّرت على الجزيرة العربية

advertisement

الجزيرة العربية هي منطقة جغرافية تضم شبه الجزيرة العربية والدول المحيطة بها، مثل العراق والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر. تعتبر هذه المنطقة مهد الإسلام وموطن للعديد من القبائل والأمم والحضارات التي شكلت تاريخها وثقافتها. في القرن العشرين، شهدت الجزيرة العربية العديد من الأحداث التي أثَّرت على شكلها السياسي والاجتماعي والديني.

advertisement

الصراع بين عبد العزيز والشريف حسين

كانت العلاقة بين الشريف حسين وعبد العزيز متوترة منذ بداية القرن العشرين، حيث كان كل منهما يسعى لتوسيع نفوذه في شبه الجزيرة العربية. استغل عبد العزيز ضعف الامبراطورية العثمانية واستولى على الرياض والإحساء، وحصل على دعم من بريطانيا التي كانت ترغب في تأمين مصالحها في المنطقة. أما الشريف حسين فقد قاد ثورة عربية ضد الأتراك بمساعدة من فرنسا، وأعلن نفسه ملكاً على العرب جميعاً، مما أثار غضب عبد العزيز وأحبط طموحاته في توحيد شبه الجزيرة تحت سلطته.

معركة تربة

advertisement

في عام 1919، اندلعت مواجهة مسلحة بين قوات عبد العزيز وقوات الشريف حسين في واحة تربة، التي تقع بالقرب من الطائف. كانت تربة نقطة استراتيجية للسيطرة على طرق التجارة والحج بين نجد والحجاز. هاجمت قوات الشريف حسين تربة بقيادة ابنه الأمير عبدالله، ونهبت ممتلكات أهلها، وأسروا بعض الموالين لعبد العزيز. رد على ذلك عبد العزيز بإرسال جيش من المجاهدين لتحرير تربة، وتمكن من دحر قوات الشريف حسين وإخضاع المدينة لولايته.

كانت معركة تربة فارقة في تاريخ شبه الجزيرة العربية، فهي أظهرت قوة عبد العزيز وضعف الشريف حسين، وأثارت استنكار بريطانيا التي كانت تحاول إقامة توازن بين الطرفين. اضطر عبد العزيز إلى التخلِّى عن خططه لغزو الحجاز بضغط من بريطانيا، ولكنه استمر في تمديد نفوذه في باقي أجزاء شبه الجزيرة. أما الشريف حسين فقد فقد شعبية وثقة شعوب شبه الجزيرة، ولم يستطع مواجهة هجمات ابن رشيد وابن سعود، فانسحب إلى جدَّة ثم إلى قبرص، حتى توفِّى في عام 1931.

الحركات الوطنية العربية ضد الاستعمار

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، نشبت في عدة بلدان عربية ثورات وانتفاضات ضد السيطرة الاستعمارية لبريطانيا وفرنسا، وضد تقسيم المنطقة إلى دول مستقلة تحت نظام الانتداب. كانت هذه الحركات تضم مختلف القوى السياسية والاجتماعية والدينية، وتطالب بالحرية والوحدة والاستقلال. من أبرز هذه الحركات: انتفاضة 1919 في مصر التي أجبرت بريطانيا على إعلان استقلال مصر في 1922، وثورة 1918-1920 في العراق التي قادها الشيخ محمود الهافظ ضد الملك فيصل والانتداب البريطاني، والحركة الشعبية في سورية ولبنان التي رفضت تقسيم المنطقة إلى دول صغيرة تحت سلطة فرنسا، والإنتفاضة السورية في 1925-1927 التي قادها سلطان باشا الأطرش ضد الوجود الفرنسي، والإنتفاضة في عدن عام 1919 التي نظمها أهالي المدينة ضد حكم بريطانيا.

advertisement

تغير الموازين في شبه الجزيرة

أثَّرت هذه الأحداث على شبه الجزيرة العربية بشكل مباشر أو غير مباشر، فأظهرت نهاية عصر الاستعمار التقليدي، وفتحت المجال لظهور قوى جديدة في المنطقة. كان أبرز هذه القوى هو عبد العزيز بن سعود، أمير نجد، الذي استغل ضعف حكم الملك حسين في الحجاز، وأسس دولة سعودية كبرى تضم معظم أجزاء شبه الجزيرة. حصل عبد العزيز على دعم من بريطانيا التي كانت تخشى من تأثير فرنسا وروسيا في المنطقة، ولكنه اصطدم بمقاومة من بعض حكام شبه الجزيرة، مثل أمير الكويت سالم بن صباح، الذي خاف من انضمام قبائل مطير إلى حركة الإخوان التابعة لعبد العزيز. اندلع صراع بين قوات عبد العزيز وقوات سالم في حدود نجد والكويت، انتهى بفوز قوات عبد العزيز، وضعف دور بريطانيا في شؤون شبه الجزيرة.

معاهدة المحمرة (الصراع بين نجد والأنظمة الهاشمية)

advertisement

في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كانت شبه الجزيرة العربية مسرحاً لصراع بين عبد العزيز بن سعود، أمير نجد، والأنظمة الهاشمية التي تحكم الحجاز والعراق والأردن. كان عبد العزيز يسعى لتوحيد شبه الجزيرة تحت رايته، وكان يواجه مقاومة من قبائل مختلفة تابعة للهاشميين. كانت هذه المواجهات تتسبب في تفاقم النزاعات بين العراق ونجد، خصوصاً في المناطق الحدودية التي لم تكن محددة بوضوح. كانت بريطانيا التي كانت تحكم العراق بنظام الانتداب، تسعى لإقامة حدود ثابتة بين البلدين، ولكنها كانت تواجه صعوبات في التفاوض مع عبد العزيز.

advertisement

في ربيع عام 1922، التقى ممثلون عن عبد العزيز وبيرسي كوكس، المفوض السامي البريطاني في العراق، في المحمرة، وهي مدينة إيرانية على ضفاف نهر الكارون. هدفت هذه المفاوضات إلى حل الخلافات بين نجد والعراق، وإلى رسم حدود بينهما. طالب عبد العزيز بأن تكون الحدود مبنية على التقسيم التقليدي للديار بين القبائل الرحل. وفي 5 مايو 1922، وقِّعت معاهدة المحمرة، التي ألحقت قبائل المنتفق والظفير والعمارات بالعراق، وقبيلة شمَّر بنجد. لم يوافق عبد العزيز على المعاهدة لأن قبيلة الظفير طلبت حمايته، ولأنه اعتبر أن المعاهدة تضر بمصالحه.

بروتوكولات العقير

في نوفمبر 1922، اتفق عبد العزيز وكوكس على عقد لقاء شخصي في عقير، وهي قرية ساحلية في شرق نجد. استمرت المفاوضات ستة أيام، وأسفرت عن إبرام بروتوكولات (ملاحق) العقير، التي أُلحِقَت بمعاهدة المحمرة. اضطر عبد العزيز إلى الاعتراف بحدود العراق التي حُدِّدَت في المعاهدة، وإلى إقامة منطقة محايدة بين نجد والعراق، يحق للقبائل الرعوية أن ترعى فيها. كما منحت البروتوكولات القبائل النجدية حق استخدام بعض الآبار في أراضي العراق، بشرط عدم استغلالها لأغراض عسكرية. وبهذه البروتوكولات، حُسِمَت الحدود بين نجد والعراق، وانتهى الصراع بينهما.

اتفاقيات بحرة وحدّة

في أكتوبر 1925، وصل الكولونيل كلايتون، المستشار السياسي للملك فيصل في العراق، إلى مقر عبد العزيز في الحجاز. كان عبد العزيز مستعداً لإعطاء تنازلات في الشمال مقابل اعتراف بريطانيا بضمه الحجاز. وجرت مفاوضات، وأسفرت عن إعلان اتفاقيتي بحرة وحدّة التي وقِّعتا في 1 و2 نوفمبر 1925. وتخصّ اتفاقية بحرة الحدود بين نجد والكويت، وأُسسَت منطقة محايدة للبدو من الطرفين لاستخدامها لأغراض رعي الأغنام. واتفاقية حدّة رسمت عمليّاً الحدود بين نجد والأردن، وتنازل بموجبها عبد العزيز للأردن عن الممر الذي يربطه بالعراق. كما حذَّرَت الاتفاقية من مخاطر الدعاية الدينية على أراضي البلد الآخر، وهذا يتعلق بالدعوة الإخوانية التي كان ينشرها عبد العزيز. وستنظر في أي شكوى محكمة خاصة وفق ما نصَّت عليه هذه الاتفاقية أيضًا. بهذه الاتفاقيات، تم تسوية المشكلات الحدودية بين نجد والكويت والأردن.

عبد العزيز ملكاً على الحجاز

advertisement

بعد أن وقَّع عبد العزيز بن سعود اتفاقيتي بحرة وحدّة مع العراق والأردن في نوفمبر 1925، أصبح ملك الحجاز علي بن الحسين في موقف صعب. فقد فقد دعم إخوته فيصل وعبد الله، ملكي العراق والأردن، الذين كانوا يخشون خسارة عروشهم إذا ما تصدوا لعبد العزيز. كما فقد دعم بريطانيا، التي كانت ترى في عبد العزيز شريكاً استراتيجياً في المنطقة. لذلك، قرَّر علي بن الحسين الاستسلام لعبد العزيز، وأرسل إلى القنصل البريطاني في جدة للتفاوض على شروط التسليم. استسلمت جدة في 22 ديسمبر 1925، وغادرها علي بن الحسين إلى خارج المملكة. دخل عبد العزيز جدة في اليوم التالي، وأصبح مالكاً للحجاز.

في 8 يناير 1926، اجتمع شيوخ ووجهاء وأشراف وعلماء من أنحاء الحجاز في المسجد الحرام في مكة المكرمة، وأقروا بالولاء لعبد العزيز بن سعود. تُلِّي نصّ البيعة، وأطلقت المدفعية مئة طلقة. تقبَّل عبد العزيز البيعة من حضور المؤتمر، وأُطْلِقَ عليه لقب “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاته”. بهذا التتويج، أصبح عبد العزيز حاكماً لأغلب شبه الجزيرة العربية.

وفي يونيو 1926، دعا عبد العزيز إلى عقد مؤتمر إسلامي في مكة المكرمة، بعد أداء فريضة الحج. هدف هذا المؤتمر إلى تأكيد شرعية حكم عبد العزيز على الديار المقدسة، وإلى توطيد علاقاته مع باقي المسلمين. حضر المؤتمر 69 مندوبًا من منظمات إسلامية من مختلف أنحاء العالم. ناقش المؤتمر قضايا تتعلق بالوحدة والتضامن والإصلاح في الأمة الإسلامية.

التغيرات في سياسات عبد العزيز

بعد أن أصبح مالكًا للحجاز، كان عبد العزيز يواجه تحديين رئيسيين: الأول، كيفية التعامل مع أتباعه الوهابيين، الذين كانوا يتمسكون بتفسير صارم للإسلام. والثاني، كيفية التكيف مع باقي المذاهب والتيارات الإسلامية، التي كانت تنظر إليه بتحفظ أو انتقاد. لذلك، قام عبد العزيز بإجراء بعض التغيرات في سياساته الدينية والخارجية. من جهة، أسَّس جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للإشراف على تطبيق الشريعة الإسلامية ومنع المخالفات. ومن جهة أخرى، حاول إقناع فقهاء الوهابية بالاستفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي، وأن لا يرفضوا كل ما هو جديد بحجة أنه بدعة. كما حصل على اعتراف بريطانيا بإستقلال دولته، وأبرم معاهدات مع دول مجاورة لتحديد الحدود وتسوية المشاكل.

advertisement