تاريخ البحرين القديم

لقد وجد المنقبون في منطقة الممطلة جنوب وسط جزيرة البحرين أدوات تبيّن بعد دراستها انها تعود إلى إنسان العصر الحجري القديم. ويدل هذا على أن البحرين كانت موجودة وكان يسكنها إنسان بدائي منذ العصور السالفة.ويعتقد بعض المؤرخين أنّ البحرين هي نفسها (جنة عدن) أو الفردوس بسبب الاسم الذي كان يُطلق عليها وهو (برديسو) أي فردوس في العربية. وكان السومريون يرددون اسطورة تتعلق بهذا الفردوس. ووفقاً لهذه الاسطورة توجه الاله (انكي) بعد نجاته من الفيضان إلى أرض الخلود في (دلمون)وأقام فيها. ثمّ أراد (جلجامش) بطل السومريين إدراك سر الخلود فتوجه إليه طالباً منه أن يبوح له بسرّه الغريب فأخبره الاله انكي انه يوم غرقه اثر الفيضان نزل إلى عمق البحر فرأى مياهه تتمازج وعيون ماء عذب. وفي وسط هذه الروعة وردة بيضاء ليست سوى زهرة الخلود التي تهدي الخلود لمن يحصل عليها، فتحركت النخوة في قلب البطل السومري وتوجه إلى عمق البحر باحثاً عن هذه الزهرة. ولكن خيبة أمل كبيرة كانت في انتظاره، إذ كانت الأفعى قد سبقته والتهمت زهرة الخلود وقُدّر لها الخلود.

حضارة دلمون

دلمون هي مملكة صغيرة نشأت في أوائل الألف الثالث قبل الميلاد واستمرت حوالي ٣ آلاف سنة وكانت تتألف من جزيرة دلمون (أي البحرين) ومن المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية اليوم. أمّا سكّانها فكانوا من الساميين.ولكان سكّان دلمون يدفنون الأموات من محاربيهم في آكام من الصخور تبمى (طعوساً). ولا تزال هذه الآكام صامدة حتى يومنا هذا، تضفي على البلد رونقاً خاصاً إذ يتراوح ارتفاعها من ٤ إلى ٩ أقدام وقطرها من ١٠ إلى ٢٤ قدماً عند القاعدة. ويظن بعض الباحثين أنّ البحرين تضم أكبر مقبرة في العالم كلّه.

كانت هذه المنطقة منذ القدم محط إعجاب ودهشة بسبب المياه الوفيرة التي تتدفّق في جنباتها. لذلك نرى في الجزء الشمالي من الجزيرة حدائق غناء تتوق العين إلى التمتّع بروعتها وسخرها. وكان الأقدمون يعتبرون هذه المياه مقدسة، لا بل هدية من السماء بسبب ندرتها في هذه البقعة من العالم حيث تشتد حرارة الشمس والقيظ .

دلمون والشعوب المجاورة

دلمون والسومريون

قدم السومريون إلى وادي الرافدين قبل ٣٠٠٠ سنة من الميلاد وأقاموا في تلك المنطقة. أما ماضي هذا الشعب ووطنه الام فهما أمران لا يزالان مجهولين حتى اليوم. غير أنّ أساطيرهم تأتي على ذكر مكان يُدعى دلمون غني بالمياه العذبة ويعبد سكانه الالهين انكي ونينخورساك. ويبيّن أقدم نص تاريخي ذكرت فيه دلمون كُتب حوالي (٢٥٠٠ قبل الميلاد) أنّ هذه المنطقة كانت لها علاقات تجارية وثيقة مع الولاية السومرية لاغاش التي كانت ترسل إليها التمر والنحاس الخام.

دلمون والأكاديون

حوالي سنة ٢٣٦٠ قبل الميلاد قام ملك يُدعى سرجون الأكادي بموجة من الفتوحات فسيطر على الدولات السومرية ووصل إلى عيلام وسوريا والجزيرة الواقعة جنوب (البحر الأحمر) ومن ثم دلمون. غير أنّ دلمون عادت واستعادت حريةّتها واستقلالها بعد فترة وجيزة. ولكن فترة الاستقلال هذه لم تدم طويلًإذ عاد ملك أكادي آخر واحتلَّه.مع نهاية الألف الثالث قبل الميلاد بدأ الأكاديون يتضاعفون تدريجياً وينتشرون في المناطق المجاورة، وأصبحوا يسيطرون على تجارة دلمون ويفرضون عليها رسومًا وضرائب. وفي هذه الفترة بدأت دلمون تتأثر بالثقافة الأكادية وتتبنى لغتها وكتابتها وديانتها. وقد عثر العلماء على العديد من اللوحات الطينية التي تحمل نصوصًا أكادية في مواقع أثرية في البحرين.

دلمون والبابليون

بعد سقوط الإمبراطورية الأكادية، ظهرت مملكة بابل التي كانت تحكم منطقة ما بين النهرين. وكان لدى بابل علاقات تجارية مع دلمون، حيث كانت تستورد منها اللؤلؤ والعود والزعفران والزجاج. كما كان لدى بابل نفوذ سياسي على دلمون، حيث كانت تعيِّن حكامًا لها أو تؤكد على حكامها المحليين. وقد ذكر اسم دلمون في بعض المصادر البابلية، مثل قانون حمورابي والملحمة البابلية لخلق العالم.

دلمون والآشوريون

في الألف الأول قبل الميلاد، ازدهرت مملكة آشور التي كانت تسعى إلى فرض هيمنتها على جميع المناطق التي تحدها. وكانت آشور تهدد دلمون بالغزو والإخضاع، لكنها لم تستطع فعل ذلك بسبب صعوبة الوصول إلى جزيرة دلمون. لذلك اكتفت آشور بإبرام معاهدات مع دلمون، تضمن فيها استمرار التجارة بينهما والولاء لآشور. وقد ذكر اسم دلمون في بعض المصادر الآشورية، مثل رسائل الملك سرجون الثاني والإحصاءات التجارية.

البحرين في العصور الإسلامية

عرفت الجزيرة العربية قبل ظهور الدين الإسلامي، مجموعة من الأديان، أهمها النصرانية والمجوسية والوثنية واليهودية. وقد لاقت هذه الأديان آذانًا صاغية عند الكثيرين من سكّان البحرين. وبسبب عبادتهم لأحد الأصنام الوثنية، أطلق على البحرين اسم(جزيرة أوال).وفي ذلك الوقت، كانت اللغة العربية هي المنتشرة في تلك المنطقة فظهر عدد مهم من الشعراء مثل النابغة الذبياني وطرفة بن العبد. وحتى أوائل القرن السابع الميلادي كان سكان سكان البحرين على علاقة وثيقة مع المناذرة اللخميين. وسنة ٦١٣م عيَّنت الدولة الفارسية على البحرين حكامًا من سكانها العرب، يحكمون باسمها ويحافظون على مصالحها في المنطقة. وظلت البحرين تحت حكم الفرس حتى انتصار العرب عليهم في موقعة (ذي قار) سنة ٦٣٧م فحصلت البحرين على استقلال ذاتي.

أثناء الفتوحات الإسلامية

لم يكتمل انتصار العرب على الفرس والروم إلاّ بعد أن انتصروا على (أبرهة) الحبشي سنة ٥٧١م فراح العرب يشقون طريقهم شرقًا وغربًا، فدخلت البحرين ضمن الدولة الإسلامية. فأرسل إليها (العلاء بن حضرم) وهو أحد قادة النبي محمد ليدعو سكان البحرين إلى الإسلام سنة ٦٣٠م وقد خَّيرَ البحرانيين بين دفع جزية والإسلام. فأسلمَ العرب من السكان، أما المجوس فلاقد اختاروا دفعَ الجزية.

هجمات الخوارج على البحرين

من بين المناطق التي تعرضوا لها، البحرين وجزرها. ففي سنة ٦٨٦م وجه نجدة بن عامر حملة ضد القطيف انتهت بانتصاره. وفي سنة ٦٨٨م هاجم البحرين من جديد في محاولة لوضع حدٍ للميرة التي كان يرسلها سكان هذه المنطقة إلى أهل الحرمين الشريفين. فصداه عبد الملك بن مروان بجيش عظيم سنة ٦٩٢م لأبي فديك الخارجي وهزمه، مما أدى إلى بسط نفوذ الأمويين على المنطقة وولي عليها الأشعث بن عبد الله الحكم. لم يضع هذا الانتصار الساحق لعبد الملك بن مروان حدا لمحاولات الخوارج، ففي سنة ٧٠٧م قاد مسعود العبدي ثورة جديدة للخوارج، قدر لها النصر، فظلوا في البحرين إلى أن هزمهم والي اليمامة سنة ٧٢٣م.

انتفاضة الزنج

بعد أن ضعفت الدولة العباسية وأُصيبت بالتفكك ظهرت ثورات عديدة أو انتفاضات حاولت كلّ واحدة منها أن تنتشل قسمًا ولو صغيرًا من ميراث العباسيين. فظهرت في ٦ أيلول (سبتمبر) ٨٦٩م انتفاضة الزنج. واختلف المؤرخون في ما يتعلق بتحديد هوية زعيم هذه الانتفاضة. فمنهم من نسبه إلى العلويين وآخرون نسبوه إلى عبد القيس. وفي ظلّ الضوضاء والفوضى راح الخدم في القصور يغذون فكرة الاستيلاء على أملاك أسيادهم، وما لبثت هذه الأحلام أن انتشرت بين أوساط عامة الشعب. ومن هؤلاء برز علي بن محمد بن عبد الرحيم في البحرين سنة ٨٦٣م كزعيم للطبقة الفقيرة. وأعلن نفسه «مهديًا»، أرسل إلى هذا العالم لإنقاذ البشر من ظلم الأثرياء وجورهم. لاقى أول الأمر أنصارًا كثيرين له، سمعوا أخباره وأيدوه. إلا أنهم خاصموه في ما بعد وأجبروه على مغادرة البلاد. فهرب إلى البادية حيث شكل جيشًا من أهلها الذين لم يساندوه إلا بعد أن دفع لهم مبالغ طائلة. وزحف هذا الجيش إلى قرية الروم في البحرين حيث تواجه مع جيش العريان بن هيثم الذي تحقق له النصر في النهاية. فما كان من علي بن محمد إلا أن هرب إلى البصرة سنة ٨٦٨م.

ثورة القرامطة

القرامطة هي حركة دينية، سياسية، اجتماعية لا تزال حقيقتها على كثير من الغموض. وكتب باندي جوزي في كتابه (تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام):الجماعات الدينية والاجتماعية التي خرجت من أحضان الإسماعيلية كالقرامطة والفاطميين والحشاشين والدروز والزيدية في اليمن وإسماعيلية اليوم. إذا يعتبر أن القرامطة هي حركة دينية اجتماعية خرجت من الإسماعيلية. ويرجح اليوم أن مؤسس الحركة القرامطية، التي ظهرت بين أواخر القرن التاسع الميلادي وأواسط القرن الثالث عشر، هو حمدان قرمط بن الأشعث. وانطلقت هذه الحركة من واسط (منطقة بين الكوفة والبصرة) حيث أنشأ (دارًا للهجرة) كانت مركز دعوته سنة ٨٩٢م. ثم كلف أنصاره بتأسيس دور مماثلة في مختلف مناطق العالم العربي. فأسس أبو سعيد الجنابي فرع البحرين الذي كان من أهم الفروع في ذلك الوقت. أما في ما يتعلق بمبادئ القرامطة فلقد أوجزها المؤلف عامر تامر بما يلي:

• محاربة النظام الطبقي في الدولة الإسلامية أيام العباسيين خصوصًا.
• مشكلة تملك الأراضي، خصوصًا الزراعية منها، في محاولة لإلغاء الملكية الفردية.
• نشر الإخاء بين مختلف طبقات الناس على الرغم من تباين أديانهم وجنسياتهم.
• تحقيق المساواة الفعلية في المسؤوليات والواجبات بين أفراد المجتمع ذكورًا وإناثًا وإعطاء كل فرد حسب حاجاته.

وقد اشتهروا بثوراتهم وغاراتهم على المدن والقرى المجاورة، وأبرزها غارتهم على مكة سنة ٩٢٨م حيث سرقوا الحجر الأسود وأخذوه إلى قصورهم في الأحساء. وظل هذا الحجر في رهنهم لحوالى 22 سنة حتى ردوه إلى مكانه سنة ٩٥0م. كما اشتهروا بإقامة دولة قائمة على مبادئهم في شرق الجزيرة العربية، وخصوصًا في منطقة الأحساء، حيث بنوا عددًا من المدن والحصون والسدود. وظلت هذه الدولة قائمة حتى سقطت على يد قوات المستنصر بالله.

قرامطة البحرين

في سنة ٩٠٠م أعلن الحسن بن مهرام الملقب بأبي سعيد الجنابي دعوة القرامطة في البحرين، مما أثار غضب العباسيين. فترأس العباس بن عمرو الغنوي سنة ٩٠٢م جيشا توجه إلى البحرين لمحاربة ابي سعيد. لكن القرامطة تغلبوا على الجيش العباسي وشردوه في الصحراء. ومن ثم توسعت سلطة القرامطة وتخطت البحرين حتى وصلت إلى قسم كبير من عمان. وفي سنة ٩٢٢م قتل ابو سعيد الجنابي فخلفه ابو طاهر سليمان.

أسباب تفكك دولة القرامطة وانقراضها

في منتصف القرن العاشر الميلادي أصاب التفكك الدولة القرامطية وانحصرت سلطتها في البحرين. وأدت إلى انقراضها أسباب عديدة منها مخالفتها تقاليد المجتمع الإسلامي العربي. وتجدر الإشارة هنا إلى أنها ضمت عددًا كبيرًا من الأنصار بسبب البطش الذي كانت تمارسه وسياسة الرشوة التي كانت تعتمدها. ومن هذه الأسباب أيضًا قيام القرامطة بعدد كبير من الحروب، خصوصًا في عهد ابو طاهر والإعصم، مما كبدهم أموالًا طائلة وأصابهم بالضعف. ونجد أيضًا أن قيام قبائل البحرين مثل بني عقيل وبني تغلب ضد القرامطة ونجاحها في الاستيلاء على القطيف والمناطق المجاورة لها قد أنهك القرامطة وأضعفهم. ومع موت الإعصم سنة 976 م سقطت دولة القرامطة وانقرضت.

من المغول إلى العمانيين

بعد سقوط الدولة القرامطية سقطت البحرين بأ يدي جنكيز خان (1167 – 1227) مؤسس الإمبراطورية المغولية. ثم خلفه حفيده هولاكو (1217 – 1265) في الحكم في هذه المنطقة. واستمر حكم المغول حتى سنة 1521 عندما سيطر البرتغاليون على البحرين.ظل البرتغاليون في البحرين حتى سنة 1602 عندما انتصر عليهم الفرس وطردوهم من المنطقة. ومنذ ذلك الوقت راح الفرس والعمانيون يتناوبون على السلطة في البحرين. ففي سنة 1718 انتصر العمانيون على الفرس. ثم لم تمض فترة قصيرة حتى عاد وانتصر الفرس.

انتصار العرب على الفرس

في سنة 1783 توصل العرب إلى التغلب على الفرس بقيادة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، وهو أحد أعضاء قبيلة بني عتبة التي هاجرت من قطر إلى البحرين. وأسس هذا الشيخ دولة آل خليفة التي لا تزال في الحكم حتى اليوم.وتولى العرب الحكم في البحرين من 1783 إلى 1820، عندما بدأ زعماؤها يخافون من مطامع إيران وتركيا. فارتموا بين أحضان بريطانيا، مطالبين بمساعدتها وحمايتها. وبما أن بريطانيا كانت تود إقفال طريق الهند أمام فرنسا وروسيا وألمانيا، فقد استجابت بسرعة لمطالب البحرين، وعززت نفوذها في الخليج العربي.

البحرين في مطلع القرن العشرين

في تشرين الأول (أكتوبر) 1867 وجهت البحرين وأبو ظبي حملة عسكرية ضد جزيرة قطر التي كانت خاضعة لسلطة الوهابيين. فسيطر الجيشان على مدينتي الدوحة والوكرة ونشرا فيها الخراب والدمار. وبما أن شيخي البحرين وأبو ظبي قد أعدا لهذا الهجوم تحت غطاء من السرية التامة، لم تصل أخباره إلى مسامع البريطانيين، وبالتالي لم يستطعوا أن يمنعوا حصوله.وفي سنة 1868 قام القطريون بحملة عسكرية موجهة ضد البحرين للأخذ بالثأر، لكنهم أصيبوا بهزيمة هائلة.

وأرادت بريطانيا أن تلقن شيخي البحرين وأبو ظبي درسًا بسبب الحرب التي شناها على قطر. وبدأ البريطانيون بتنفيذ خطتهم في 8 حزيران (يونيو) 1868، فأجبروا كلا من حاكمي البحرين وأبو ظبي على دفع غرامة مالية قدرها 125000 تومان إيراني. واستعمل هذا المال لمساعدة القطريين الذين دمرت منازلهم وهجروا. وفضلا عن هذا التعويض المالي، دفعا أيضًا ثمنًا معنويًا، إذ انهما أُجبرا على تقديم اعتذار لقطر. في ذلك الوقت، كان يتشارك الإخوان محمد بن خليفة وعلي بن خليفة الحكم في البحرين. وعندما وقَّعت بريطانيا معاهدة في أيلول (سبتمبر) 1868 مع علي، فَّرَّقَت ما بين الإخوین وخلقت عداوة بينهما وأوصلت علي إلى الحكم نتيجة المعاهدة التي تنص على أن تسلم البحرين قواربها الحربية إلى المقيم السياسي البريطاني وأن تدفع له 100 ألف دولار.

لم يرضخ محمد بن خليفة للأمر الواقع، بل راح يخطط للاغلب على أخيه، فنفى إلى الكويت ثم إلى القطيف حيث تحالف مع ناصر بن مبارك وهو حفيد الشيخ عبدالله آل خليفة، وفي آب – أيلول (أغسطس – سبتمبر) 1869 هاجما البحرين ودارت معارك عنيفة، سقط خلالها علي بن خليفة وأحد أبنائه صريعين.

في ظل هذه الأوضاع المتردية، تحرك البريطانيون وفرضوا حصارًا على البحرين وطلبوا تسليم محمد بن خليفة وناصر بن مبارك ومحمد بن عبدالله وهو والي الرفاع الشرقي، وفي 19 تشرين الثاني (نوفمبر) ألقى البريطانيون القبض على محمد بن خليفة وعلى محمد بن عبدالله، غير أن ناصر بن مبارك تمكن من الهرب إلى الأحساء.

تولى عيسى بن علي الحكم

بعد أن انتهت الفتنة التي أحدثها محمد بن خليفة طالبت بريطانيا من عيسى بن علي الذي كان يقيم في قطر أن يرجع إلى البحرين ويستلم الحكم فيها. ومن ثم اعترضت الحكومة الإيرانية والدولة العثمانية على تدخل بريطانيا في شؤون البحرين الداخلية. كان عيسى بن علي شخصية ضعيفة بشكل عام وصحته سيئة، خاصة وأنه كان كبيرًا في السن. لم يكن لديه سلطات هامة، إذ كانت تربطه ببریطانیا معاهدات كثيرة تحدد مهامه. فأرسل رسالة شفوية إلى السير آرثر هارتزل سلمها إليه الشيخ عبدالله بن عيسى في أيلول (سبتمبر) 1919 يطالب فيها بأن يعامل كما يعامل شيوخ الدول المجاورة. وأراد أيضًا أن يُعين المعتمد الفرنسي الأعضاء غير البحرانيين في مجلس العرف. وأعرب فيها عن رغبته في بناء ميناء في الزبارة في قطر والاتصال المباشر كتابيًا مع الحكومة البریطانیة. فرفض البریطانیون مطالب عیسى بن علی جمیعها.

كانت الحكومة البریطانیة تعلم بظلم بعض آل خلیفة الذین كانوا یستغلون الجزر والسكان لمصلحتهم الخاصة. أثارت أعمال الظلم هذه غضب المواطنين ونقمتهم على العائلة الحاکمة عمومًا، وعلى عبدالله وعیسى خصوصًا. فظهرت حرکة معارضة في البحرین ترأستها أولًا جمعیة التجدید التقدمیة التي تأسست سنة 1919 بقیادة عبد الوهاب الزیاني. وراحت قوة هذه الجمعیة تکبر وتکبر، وحاولت بریطانیا والشیخ عیسى أن یقضيا علیها من خلال زرع الخلاف بین السکان. وأمام ظلم عبدالله والشکاوى الموجهة ضده، طلبت الحکومة البریطانیة من الشیخ عیسى أن یقوم بإصلاحات تحد من مهام عبدالله وتضع حدًا لظلمه. غیر أن عیسى کان أضعف من أن یقوم بذلك. فراحت المعارضة تنشر مقالات في الصحف تعبر فيها عن موقفها. کما عرفت البحرین عملیات عنف حادة، أهمها تلک التي حصلت في 12 کانون الثاني (ینایر) 1922، عندما أطلق النار على مرکز للشرطة في المنامة.