advertisement

بحث شامل عن استقلال الامارات وتأسيس الاتحاد

advertisement

مقدمة عن استقلال الامارات وتأسيس الاتحاد

advertisement

في نهاية سنة ١٩٧١، شهدت منطقة الخليج العربي حدثاً تاريخياً هاماً، وهو إعلان استقلال الإمارات العربية المتحدة عن الحكم البريطاني وتأسيس اتحاد يضم سبع إمارات هي أبو ظبي ودُبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة. وهذا الاتحاد كان حلماً طال انتظاره للشعب الإماراتي الذي عانى من التفتت والضعف والاستغلال تحت النفوذ البريطاني. وكان أيضاً نتاجاً لجهود كبيرة بذلها حكام الإمارات في تجاوز المشكلات والخلافات التي كانت تعوق تحقيق التحالف والوحدة بينهم. وكان في مقدمة هؤلاء الحكام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبو ظبي والشيخ رشيد بن سعيد آل مكتوم حاكم دُبي، اللذان قاما بمبادرات رائدة لإنجاز هذا المشروع الوطني.

في هذا البحث ، سنستعرض أهم المحطات في تاريخ استقلال الإمارات العربية المتحدة، وسنسلط الضوء على الظروف التي أدت إلى قرار بريطانيا بالانسحاب من الخليج، والمشكلات التي واجهت تأسيس الاتحاد، وجهود حكام أبو ظبى ودُبى في دفع عجلة التحالف، وأخيراً سنستعرض بعض من إنجازات هذا الاتحاد في مختلف المجالات.

تدخلات بريطانية في شؤون الإمارات

advertisement

بسبب هذه القوة الداخلية التي تتمثل بدولة القواسم والقوة الخارجية وهي تتمثل بفرنسا التي عمدت إلى شتى الوسائل لقطع طريق الهند على بريطانيا فاتصلت بزعماء الخليج وأمراء الهند واحتلت مصر سنة 1798، لم تستطع بريطانيا أن تحصل على سلطة مطلقة. ولحل هذا الموضوع عقدت اتفاقية مع دولة عُمان، وهي كانت على خلاف مع القواسم، تهدف إلى إبعاد النفوذ الفرنسي عن المنطقة وحماية المواصلات البريطانية مع الهند والحصول على تأييد طرف عربي. ولم تكتف بريطانيا بذلك، بل قامت بحملة عسكرية عظيمة استهدفت رأس الخيمة. فهاجمتها في 13 نوفمبر 1809 وأحرقت السفن ودمرت المنازل، ولم يحقق البريطانيون مآربهم. فعاودت بريطانيا الكرة وقامت بحملتين جديدتين مكنتاها من احتلال المدينة فدخلتها القوات البريطانية في 13 ديسمبر 1819. ومع هذا النصر، فرضت بريطانيا سلطتها على مياه الخليج ودمرت القواسم. وانتقاماً لشرف القواسم، دمر بنو ياس طراداً بريطانياً سنة 1834. ولتعزيز سلطتها في المنطقة عقدت بريطانيا معاهدات مع شيوخ الإمارات، كانت أولها معاهدة سنة 1820 لضمان حرية الملاحة في الخليج. وفي مايو 1835 أبرمت “معاهدة السلام البحري الدائم” التي تهدف إلى إيقاف الأعمال العسكرية خلال فترة صيد اللؤلؤ التي تمتد طوال ستة أشهر كل سنة. ثم اتبعت بريطانيا سياسة “فرق تسد” فأضعفت وحدة سكان المنطقة وزادت خلافاتهم. وفي سنة 1892 عقدت معاهدة جديدة التزمت بريطانيا بموجبها بإدارة السياسة الخارجية للإمارات وبعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وكان شركة الهند الشرقية هي المسؤولة عن أمور الدفاع والعلاقات الخارجية منذ 1853 حتى 1858. ومن ثم لعبت هذا الدور حكومة بومبي حتى سنة 1873 عندما انتقلت هذه المهام إلى حكومة الهند البريطانية. وبعد استقلال الهند أصبحت وزارة الخارجية البريطانية هي التي تهتم بهذه الأمور وعينت لها معتمداً يسكن في البحرين ووكلاء سياسيين في دبي وأبو ظبي وقطر والشارقة. وظل هذا الوضع على حاله حتى استقلال الإمارات.

تأثير الاستعمار على المشيخات والإمارات

كانت بريطانيا تدعم المشيخات والإمارات والوضع القبلي في المنطقة، لكنها لم تسمح لأي من الشيوخ بالخروج عن “نصائحها”. وهذا أدى إلى نشوب صراعات بين المشايخ، خصوصاً أن اتفاقية 1853 سمحت بحدوث هذه الصراعات على البر وليس على البحر. وكانت هذه الخلافات تخدم مصالح بريطانيا وتعزز دورها في المنطقة. وعندما علمت بريطانيا بطموحات ألمانيا وروسيا في الخليج، عقدت اتفاقات مع شيوخ القبائل تمنعهم من بيع أراضيهم أو التنازل عنها لأي دولة غير بريطانيا، وتلزمهم بالتشاور معها قبل إقامة أي علاقات خارجية.

اكتشاف النفط وظهور القومية العربية

advertisement

عند اكتشاف النفط في الخليج العربي، زادت أهمية هذه المنطقة بالنسبة إلى بريطانيا، فغيرت سياساتها، خصوصاً أن فكرة القومية العربية كانت قد بدأت تنتشر بين العرب. فأسست سنة 1951 ما سُمِّى “قوات خليج عُمان المتصالح” (Trucial Oman Levies) وهي قوات عسكرية تهدف إلى ضمان نفوذ بريطانيا وحماية أمن المشيخات من الداخل والخارج. كان مقرها في إمارة الشارقة، وضابطها الأول كان بريطانياً.وضابطيه الثاني والثالث كانا أردنيين، وعدد جنودها 33. وفي سنة 1955 زاد عدد جنودها إلى 500. وفي سنة 1975 غيرت اسمها وأهدافها. وكانت تلعب دورا مهما في فض النزاعات التي كانت تنشب بين المشايخ بسبب النفط، مثل الخلاف الذي نشب بين السعودية وأبو ظبي سنة 1955 بسبب واحة البريمي. وكذلك تقمع الثورات التي كانت تنطلق من الجبل الأخضر في عمان سنة 1957. وبعد استقلال الإمارات أصبحت هذه القوات أساس جيشها.

تأسيس مجلس دول الخليج المتصالح

أسست بريطانيا سنة 1952 مجلس دول الخليج المتصالح الذي ضم شيوخ الإمارات السبع. وكان المعتمد السياسي البريطاني هو رئيس هذا المجلس. لم يكن لهذا المجلس صلاحيات حقيقية، بل كان يقتصر عمله على تقديم المشورة في الموضوعات العامة مثل التعليم والصحة والتنمية… ولم يكن له دستور مكتوب، وكانت بريطانيا تتعاون مع إمارة أبو ظبي في تمويله.وفي سنة 1958 أعيد تنظيم المجلس وشكلت ثلاث لجان، إحداها للزراعة وأخرى للتعليم والثالثة للصحة. وفي سنة 1964 شكلت لجنة انتخابية، وانتخب أعضاؤها حاكم رأس الخيمة الشيخ صقر بن محمد القاسمي رئيسا للمجلس، وأسس صندوقا للتنمية.

الاستقلال والاتحاد

advertisement

في القرن العشرين، شهدت المنطقة تغيرات كبيرة في الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فمع اكتشاف النفط في عام ١٩٣٢ في أبو ظبي وفي عام ١٩٦٦ في دُبي، ازدادت ثروة الإمارات وتحسن مستوى المعيشة لسكانها. كما أدى النفط إلى تحرير الإمارات من الاعتماد على بريطانيا وزيادة طموحها للحصول على السيادة والاستقلال. وفي عام ١٩٦٨، أعلنت بريطانيا نيتها سحب قواتها من المنطقة بحلول عام ١٩٧١، مما دفع الإمارات إلى البحث عن تشكيل اتحاد سياسي بينها. وبعد مفاوضات طويلة وصعبة، تم إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في ٢ ديسمبر ١٩٧١، بانضمام سبع إمارات هي أبو ظبي ودُبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة. وتولى رئاسة الدولة الجديدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أمير أبو ظبي، ورئاسة مجلس الوزراء الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دُبي.

الظروف التي أدت إلى قرار بريطانيا بالانسحاب من الخليج

في سنة ١٩٦٧، تعرضت الحكومة البريطانية لخسارة هائلة عندما انهزمت أمام الثورة المسلحة التي نشبت في اليمن الجنوبي منذ ١٩٦٣. وهذا جعلها تخشى من أن تمتد هذه الثورة إلى أعماق الخليج العربي وتهدد مصالحها في المنطقة، خصوصاً وأنها كانت تواجه أزمات حادة في داخلها وخارجها. لذلك، أعلنت في سنة ١٩٦٨ أن قواتها كلها ستنسحب من مشيخات الخليج التسع في نهاية سنة ١٩٧١ ودعت هذه المشيخات إلى تأسيس اتحاد يضمها جميعا ويحمي مصالحها.

advertisement

المشكلات التي واجهت تأسيس الاتحاد

غير أن تحقيق رغبة بريطانيا في إقامة اتحاد بين المشيخات لم يكن سهلا، فقد كانت هناك مشكلات عديدة تحول دون ذلك، منها:

  • الخلافات والنزاعات التي أججتها بريطانيا، في ما مضى، بين الشيوخ لتقوية سلطتها وتعزيزها وعدم استعداد أي من الشيوخ للتنازل عن أي جزء من حدود سلطانه.
  • خوف الإمارات الصغيرة من الإمارات الكبيرة التي قد تسيطر عليها وتستغلها، لا سيما وأن الفرق شاسع بين هذه المشيخات من حيث المساحة وعدد السكان والثروة.
  • عدم تمتع أي من هذه الإمارات بالصفات التي تؤهلها لقيادة باقي الإمارات في ظل الاتحاد.
  • فضلا عن الخلافات القبلية كانت تمزق هذه الإمارات خلافات تتعلق بالحدود، وهذا أمر يضعف قوة هذه الإمارات.
  • طمح بعض البلدان المجاورة ببعض هذه الإمارات بسبب ثروتها وموقعها الجغرافي المميز.
  • وجود تحالفات متعددة بين هذه الإمارات تختلف في ما بينها.

advertisement

جهود حكام أبو ظبى ودُبى في دفع عجلة التحالف

رأت الإمارات العربية بعدما أعلنت بريطانيا انسحاب قواتها في نهاية سنة ١٩٧١ أنه من الضروري أن تعيد النظر في سياستها لكي تكون قادرة على مواجهة هذه المرحلة الجديدة من حياتها. لذا آمن الحكام أن نسيان الخلافات السابقة كلها وبدء صفحة جديدة من التعاون والوحدة في وجه كل تدخل خارجي هو الحل الأمثل. وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبو ظبي أول من قام بمبادرة لتحقيق هذا الهدف. فزار الشيخ رشيد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دُبي في ١٨ شباط (فبراير) ١٩٦٨ للتباحث بشأن قيام اتحاد بين الإماراتين يكون نواة لاتحاد يضم الإمارات كلها. فكان له ما أراده، وقرر إقامة اتحاد ثنائي يشرف على الشؤون الخارجية والدفاعية والأمن الداخلي والخدمات الصحية والتعليمية وقضايا الجنسية والهجرة. كما تقرر إرسال دعوات إلى حكام الإمارات الأخرى للمشاركة في الاتحاد.

محطات في تاريخ تأسيس الاتحاد

ولبت الإمارات العربية الدعوة وعقد اجتماع في ٢٥ شباط (فبراير) من السنة نفسها في دُبي، حضره ممثلو الإمارات التسع. وأعلن على أثره قيام اتحاد يشمل إمارات أبو ظبي والبحرين ودُبي وقطر وأم القيوين والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وعجمان على أن يصبح هذا القرار ساري المفعول بعد شهر واحد. وأطلق على الاتحاد اسم (اتحاد الإمارات العربية). وتمّ الاتفاق على أن يكون للاتحاد المؤسسات التالية:

  • مجلس أعلى وهو بمثابة السلطة الاتحادية العُليا، يضم حكام الإمارات ويهتم بتحديد سياسات الاتحاد. تكون رئاسة هذا المجلس مدورة على أعضائه على أن تكون مدة الولاية سنة واحدة فقط. والرئيس هو الذي يمثل الاتحاد داخلياً وخارجياً. أمّا في ما يتعلق باتخاذ القرارات فهي تتطلب إجماع المجلس.
  • مجلس تنفيذي: هو الأداة التنفيذية للمجلس الأعلى ولا تتعدى سلطته التوصية للمجلس الأعلى. أما كيفية تأليفه ونظامه فلم تحدد.
  • محكمة اتحادية عُليا: هي السلطة القضائية العُليا في الاتحاد وتتولى فض المنازعات بين الإمارات أو بين الإمارات والاتحاد.

أما في ما يتعلق بالأمور الدفاعية فلقد قضى القرار بالتعاضد عسكرياً والتعاون في وجه أي اعتداء خارجي، ولم يذكر أمر تأسيس جيش موحد. وأما من الناحية المالية فلم تحدد مساهمة كل إمارة بموازنة الاتحاد، وكذلك لم يحدد موقع العاصمة.

وعقد المجلس الأعلى اجتماعاً ثانياً في ٢٥ و٢٦ أيار (مايو) ١٩٦٨ للتباحث بشأن انتخاب أول رئيس للاتحاد واختيار المقر الدائم وإعداد الدستور. وهنا نشب خلاف بين قطر والبحرين التي أراد كل منهما أن يحتل مركز القيادة ويتبوأ أعلى المناصب. واستمرت هذه المنافسة في الاجتماع الذي عقد في أبو ظبي في ٦ تموز (يوليو) وانتخب خلاله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيساً للمجلس الأعلى لمدة سنتين والشيخ رشيد آل مكتوم نائب له للمدة نفسها. أما في ما يتعلق برئاسة الحكومة الاتحادية فعُيِّن لهذا المنصب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني نائب حاكم قطر. واختيرت مدينة أبو ظبي لتكون العاصمة المؤقتة للاتحاد.

موقف قطر والبحرين من الاتحاد

موقف قطر والبحرين من الاتحاد الإماراتي كان متغيراً على مر الزمن، ففي بداية الأمر، كانت هاتان الدولتان من بين التسع إمارات التي وقعت اتفاقية لإقامة اتحاد يشملها جميعاً في عام ١٩٦٨، بعد أن أعلنت بريطانيا قرارها بالانسحاب من المنطقة في نهاية عام ١٩٧١.لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين قطر والبحرين من جهة، وبين باقي الإمارات من جهة أخرى، بشأن بعض القضايا المتعلقة بالدستور والمؤسسات والموارد والحدود. وكان أبرز هذه الخلافات هو مسألة تشكيل المجلس الوطني للاتحاد، حيث كانت قطر والبحرين تطالبان بأن يكون المجلس منتخباً حسب التمثيل النسبي لسكان كل إمارة، بينما كانت باقي الإمارات ترفض ذلك وتصر على أن يكون المجلس معيَّناً بعضوية متساوية لكل إمارة.

وفي ظل عدم التوصل إلى حل لهذه الخلافات، وفي ضوء صدور قرار مجلس الأمن الدولي في عام ١٩٧٠ المتعلق باستقلال البحرين، فقد قررت قطر والبحرين الانسحاب من الاتحاد التساعي والسعي لإعلان استقلالهما على حدة. وبذلك انهار حلم الاتحاد التساعي، وظل فقط سبع إمارات هي أبو ظبى ودُبى والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة، التي تابعت مسيرة التحالف وأعلنت عن تأسيس دولة الإمارات العربية.

التطور والرخاء

منذ تأسيسها، شهدت دولة الإمارات نهضة مذهلة في مختلف المجالات. فقد استثمرت ثرواتها من النفط في تطوير بنيتها التحتية وتحسين خدماتها العامة وتنويع اقتصادها وزيادة قدراتها التنافسية. كما حرصت على تعزيز دورها في المجتمع الدولي والإقليمي والإسلامي، والمساهمة في حل القضايا العالقة ودعم التعاون والسلام. وأصبحت دولة الإمارات مثالاً يحتذى به في التنمية المستدامة والابتكار والرفاهية. وفخورة بثقافتها وهويتها، تحافظ دولة الإمارات على تراثها التاريخي والحضاري، كما تستقبل بكرم وانفتاح مختلف شعوب العالم. فقد أصبحت دولة الإمارات ملاذاً للأفراد والشركات من جميع أنحاء المعمورة، بفضل استقرارها وأمنها وحرية اختلافه.

advertisement