التقنيات الحديثة في تربية الأسماك والأحياء المائية

تربية الأسماك والأحياء المائية هي أحد الطرق التي تساهم في زيادة إنتاجية المصائد وتحسين جودة المخزون السمكي. ولكن هذه التربية تواجه أيضا تحديات كبيرة في مجالات مثل مقاومة الأمراض، وتحسين خصائص التناسل، وتطوير أعلاف مناسبة، وتحسين جودة الماء. لذلك، تستخدم بعض التقنيات الحديثة في هذه المجالات لتحقيق نتائج أفضل.سنذكر اهم التقنيات المستخدمة في هذا المجال.

اولاً مفهوم تربية الاحياء المائية

تربية الأحياء المائية هي تنمية الأحياء المائية (نباتات و/أو حيوانات) في مزارع بدلاً من حصادها من بيئتها الطبيعية. وفي هذا المجال، هُناك عدة فروع لهذه الزراعة، منها: تربية الأسماك أو استزراع الأسماك تربية القشريات تربية الرُخويات تربية النباتات المائية.تربية الأحياء المائية لها أهمية اقتصادية وبيئية كبيرة، فهي تساهم في توفير الأغذية المائية للسكان وتخفيف الضغط على الموارد السمكية الطبيعية وتحسين دخل المزارعين وتوفير فرص عمل وتنمية ريفية. كما أنها تساعد في حماية البيئة من التلوث والتدهور وتستفيد من استخدام الموارد المائية المتجددة.

انظمة التربية

• نظم الزراعة المائية (Aquaponics)، وهي نظم تجمع بين تربية الأسماك وزراعة النباتات في دورة مغلقة، حيث يستخدم ماء التصريف من أحواض الأسماك لتغذية النباتات التي تزيل الفضلات والمواد الضارة من الماء قبل إعادته إلى أحواض الأسماك. هذه النظم توفر ماء وأسمدة وطاقة ومساحة.
• نظم التدوير (Recirculating Aquaculture Systems)، وهي نظم تستخدم معالجة متقدمة للماء لإزالة الفضلات والغازات والأملاح من الماء قبل إعادته إلى أحواض التربية. هذه النظم تقلل من استهلاك الماء والتلوث وتسمح بالتحكم في درجة حرارة وجودة الماء.
• نظم التغذية (Feeding Systems)، وهي نظم تستخدم أجهزة ذكية لإطعام الأسماك بشكل دقيق وفعال، حسب حجمها وشهيتها وحالتها الصحية. هذه النظم تقلل من هدر الأعلاف وتحسن من نمو وصحة الأسماك.
• نظم الرصد (Monitoring Systems)، وهي نظم تستخدم أجهزة استشعار وكاميرات وبرامج لقياس وتتبع معلومات عن حالة الأسماك والماء والبيئة. هذه النظم تساعد في اتخاذ قرارات مبنية على البيانات وتحذير من المشاكل والأخطار.
• نظم التربية (Breeding Systems)، وهي نظم تستخدم تقنيات حديثة لتحسين خصائص الأسماك والأحياء المائية، مثل المقاومة للأمراض والنمو السريع والجودة الغذائية. هذه التقنيات تشمل التلقيح الاصطناعي والهجنة والتحور والهندسة الوراثية.

التقنيات الحديثة في تربية الاسماك

1- تقنية التطور الوراثي

التطور الوراثي هو تغيير الجينات المسؤولة عن صفات معينة في الكائنات الحية، بغرض تحسين هذه الصفات أو إضافة صفات جديدة. في مجال تربية الأسماك، يمكن استخدام التطور الوراثي لزيادة إنتاجية وصفات بعض أنواع الأسماك، مثل:

• استخدام جينات من أنواع أخرى لإعطاء صفات مرغوبة، مثل زيادة مقاومة الأسماك للأمراض أو التحمل للظروف المحيطة أو تحسين جودة اللحم أو اللون. مثلا، تم نقل جين من سمكة قرش قطبية إلى سمكة سلمون، لزيادة قدرتها على النمو في الماء البارد.
• استخدام تقنية استنساخ لإنتاج سلالات جديدة من الأسماك، بدون تزاوج بين ذكور وإناث. هذه التقنية تسمح بإنتاج أسماك ذات صفات متجانسة وثابتة وعالية الجودة. مثلا، تم استخدام تقنية استنساخ لإنتاج سلالة جديدة من سمكة البلطي، تتميز بالنمو السريع والحجم الكبير والقدرة على التغذية على أغذية نباتية.

الفوائد:

• زيادة كفاءة وإنتاجية التربية، بحيث يمكن إطعام المزيد من السكان بأقل كمية من الماء والأعلاف والطاقة.
• تحسين جودة وقيمة الأسماك، بحيث يمكن تلبية احتياجات وتفضيلات المستهلكين وزيادة دخل المزارعين.
• حماية الموارد السمكية الطبيعية، بحيث يمكن خفض ضغط الصيد على الأسماك البرية والحفاظ على التنوع البيولوجي.

طريقة العمل:

• اختيار نوع أو سلالة من الأسماك التي ترغب في تحسين صفاتها أو إضافة صفات جديدة لها.
• اختبار وتحديد الجينات المسؤولة عن الصفات المرغوبة في الأسماك أو في أنواع أخرى من الكائنات الحية.
• نقل أو تعديل أو إدخال الجينات المختارة في خلايا الأسماك، باستخدام تقنيات مختلفة، مثل الحقن أو الفيروسات أو الكهرباء.
• تربية وتكاثر وتقييم الأسماك التي تحمل الجينات المطورة، والتأكد من سلامتها وفعاليتها واستقرارها.
• تسويق وتوزيع الأسماك المطورة وراثيا، مع اتباع القوانين والمعايير والإجراءات المناسبة.

2- تقنية إنتاج الأسماك أحادية الجنس

تقنية إنتاج الأسماك أحادية الجنس هي تقنية تستخدم لإنتاج أسماك ذات جنس واحد فقط، سواء ذكور أو إناث، بدون استخدام الهرمونات التي قد تثير قلق المستهلكين. في مجال تربية الأسماك، يمكن استخدام هذه التقنية لتحسين معدلات النمو والإنتاج لبعض الأنواع التي تظهر اختلافات بين الجنسين في هذه الصفات، مثل:

• أسماك البلطي، التي تميل إلى أن تكون الذكور أكبر حجما وأسرع نموا من الإناث، وتحتاج إلى كمية أقل من الأعلاف لإنتاج وحدة وزن. لذلك، يفضل إنتاج أسماك بلطي ذكور فقط لزيادة كفاءة التربية.
• أسماك المبروك، التي تميل إلى أن تكون الإناث أكثر قدرة على التحمل للظروف المحيطة وأقل عرضة للأمراض من الذكور، وتحتفظ بالدهون في جسدها بشكل أفضل. لذلك، يفضل إنتاج أسماك مبروك إناث فقط لزيادة استدامة التربية.

الفوائد:

• زيادة معدلات النمو والإنتاج والجودة للأسماك، بحيث يمكن تحقيق عائدات أعلى من نفس المساحة والزمان والموارد.
• تقليل المشاكل المرتبطة بالتزاوج والتكاثر في برك التربية، مثل اضطراب الماء والتغيرات في جودته وانخفاض مستوى الأوكسجين وزيادة خطر الأمراض.
• تقليل خطر حدوث اختلاط بين سلالات مختلفة من الأسماك أو احتمال هروب بعضها إلى المصادر المائية الطبيعية والتأثير على التوازن البيئي.

طريقة العمل:

• اختيار نوع أو سلالة من الأسماك التي ترغب في إنتاجها بجنس واحد فقط، والتأكد من أنه يوجد اختلاف بين الذكور والإناث في معدلات النمو أو الإنتاج.
• استخدام طرق مختلفة لإنتاج الأسماك أحادية الجنس، مثل:
  • الهجنة بين سلالات مختلفة من نفس النوع، التي تنتج أسماك ذكور أو إناث فقط بشكل طبيعي، مثل هجنة بين سلالات مختلفة من البلطي أو المبروك.
  • التلاعب في درجة حرارة الماء أو الضوء أو الأعلاف في مرحلة مبكرة من حياة الأسماك، لتغيير جنسها من ذكور إلى إناث أو بالعكس، مثل رفع درجة حرارة الماء لإنتاج أسماك بلطي ذكور فقط.
  • استخدام تقنية الثلاثية الصبغية، وهي تقنية تستخدم لإنتاج أسماك ذات ثلاث نسخ من الصبغيات بدلا من اثنتين، وهذا يؤدي إلى إنتاج أسماك ذكور فقط، مثل استخدام تقنية الثلاثية الصبغية لإنتاج أسماك بلطي ذكور فقط.
• تربية وتكاثر وتقييم الأسماك أحادية الجنس، والتأكد من سلامتها وفعاليتها واستقرارها.
• تسويق وتوزيع الأسماك أحادية الجنس، مع اتباع القوانين والمعايير والإجراءات المناسبة.

3- تقنيات التسميد والتخمير في أحواض التربية

تقنيات التسميد والتخمير في أحواض التربية هي تقنيات تستخدم لزيادة إنتاج الغذاء الطبيعي الموجود في الماء، وهو عبارة عن نباتات وحيوانات دقيقة لا ترى بالعين المجردة، والتي تعتبر مصدرا أساسيا لتغذية الأسماك. في مجال تربية الأسماك، يمكن استخدام هذه التقنيات لزيادة كفاءة وإنتاجية التربية، خاصة للأنواع التي تتغذى على الغذاء الطبيعي بشكل رئيسي أو جزئي، مثل:

• أسماك البلطي، التي تتغذى على النباتات الدقيقة والحيوانات الدقيقة والديدان والحشرات والطحالب والعوالق الموجودة في الماء، وتستطيع التكيف مع مختلف الظروف المحيطة.
• أسماك المبروك، التي تتغذى على الحشرات والديدان والعوالق والطحالب والنباتات المائية والأعلاف الصناعية، وتستطيع العيش في مختلف أنواع الماء.

الفوائد:

• زيادة إنتاج الغذاء الطبيعي في الماء، بحيث يمكن توفير كمية كافية من الغذاء للأسماك دون الحاجة إلى استخدام كمية كبيرة من الأعلاف الصناعية.
• تحسين جودة الماء في أحواض التربية، بحيث يمكن تحقيق توازن بيولوجي بين الإنتاج والإستهلاك للمواد العضوية والغازات المذابة في الماء.
• حماية البيئة من التلوث، بحيث يمكن تقليل استهلاك الماء والطاقة والأعلاف في عملية التربية، وتقليل إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون والأمونيا وغيرها من الملوثات.

طريقة العمل:

• اختيار نوع أو سلالة من الأسماك التي ترغب في تربيتها، والتأكد من أنها تستفاد من الغذاء الطبيعي الموجود في الماء.
• استخدام طرق مختلفة لزيادة إنتاج الغذاء الطبيعي في الماء، مثل:
  • التسميد الكيماوى، وهو نثر كمية محددة من السماد الكيماوي، مثل اليوريا أو السوبر فوسفات، على سطح الماء بشكل دوري، لزيادة توافر العناصر الغذائية لنمو النباتات الدقيقة.
  • التسميد العضوى، وهو نثر كمية محددة من السماد العضوي، مثل زرق الدواجن أو المخلفات الزراعية، على سطح الماء بشكل دوري، لزيادة توافر المادة العضوية لنمو الحيوانات الدقيقة والكبيرة.
  • التخمير، وهو إضافة كمية محددة من المواد المخمرة، مثل السكر أو الخميرة أو المولاس، إلى الماء بشكل دوري، لزيادة تكاثر بعض أنواع البكتيريا والخمائر التي تنتج مواد غذائية للأسماك.
• تربية وتكاثر وتقييم الأسماك في أحواض التربية، والتأكد من سلامتها وفعاليتها واستقرارها.
• تسويق وتوزيع الأسماك المنتجة من أحواض التربية، مع اتباع القوانين والمعايير والإجراءات المناسبة.

4- تقنية الثلاثية الصبغية في إنتاج أسماك البلطي

تقنية الثلاثية الصبغية هي تقنية تستخدم لإنتاج أسماك البلطي ذات ثلاث نسخ من الصبغيات بدلا من اثنتين، وهذا يؤدي إلى إنتاج أسماك ذكور فقط، بدون استخدام الهرمونات التي قد تثير قلق المستهلكين. في مجال تربية الأسماك، يمكن استخدام هذه التقنية لزيادة معدلات النمو والإنتاج لأسماك البلطي، التي تميل إلى أن تكون الذكور أكبر حجما وأسرع نموا من الإناث، وتحتاج إلى كمية أقل من الأعلاف لإنتاج وحدة وزن.

الفوائد:

• زيادة معدلات النمو والإنتاج والجودة لأسماك البلطي، بحيث يمكن تحقيق عائدات أعلى من نفس المساحة والزمان والموارد.
• تقليل المشاكل المرتبطة بالتزاوج والتكاثر في برك التربية، مثل اضطراب الماء والتغيرات في جودته وانخفاض مستوى الأوكسجين وزيادة خطر الأمراض.
• تقليل خطر حدوث اختلاط بين سلالات مختلفة من الأسماك أو احتمال هروب بعضها إلى المصادر المائية الطبيعية والتأثير على التوازن البيئي.

طريقة العمل:

• اختيار نوع أو سلالة من أسماك البلطي التي ترغب في إنتاجها ذكور فقط، والتأكد من أنه يوجد اختلاف بين الذكور والإناث في معدلات النمو أو الإنتاج.
• استخدام طرق مختلفة لإنتاج أسماك البلطي ذات ثلاث نسخ من الصبغيات، مثل:
  • استخدام سمكة مانولود Manolode كصاروخ جينى لإحداث زائد صبغى فى صبغى جامعى لأسماك بلطى نيلية، حيث يحصل على سمكة بثلاث صبغات جامعة (ZZZ)، وعند تهجينه مع سمكة بلطى نيلية عادية (ZZ) يحصل على سمكة بثلاث صبغات جامعة (ZZZ)، وهذه هى سمكة البلطى النيلية ذات الثلاثية الصبغية.
  • استخدام سمكة بلطى نيلية معدلة وراثيا لتحويل صبغتها الجامعة (Z) إلى صبغة مستقبلة (W)، حيث يحصل على سمكة بصبغتين مستقبلتين (WW)، وعند تهجينها مع سمكة بلطى نيلية عادية (ZZ) يحصل على سمكة بصبغتين جامعتين وواحدة مستقبلة (ZZW)، وهذه هى سمكة البلطى النيلية ذات الثلاثية الصبغية.

5- تقنية الزراعة المائية المتكاملة

تقنية الزراعة المائية المتكاملة مع تربية الأسماك هي تقنية تستخدم لإنتاج الأسماك والنباتات في نظام واحد يستفيد من التفاعل بينهما. في هذا النظام، يتم تدوير المياه بين حوض الأسماك وحوض الزراعة المائية، حيث تقوم النباتات بامتصاص المواد الغذائية والمخلفات من مياه الأسماك، وتعود المياه إلى الأسماك نظيفة وغنية بالأوكسجين. هذه التقنية توفر مزايا عديدة، منها:

• زيادة الإنتاجية والكفاءة للنظام، حيث يمكن إنتاج كميات أكبر من الأسماك والنباتات في مساحة أقل وبإدخالات أقل من الماء والطاقة والأعلاف.
• تحسين جودة المياه وصحة الأسماك، حيث تقلل الزراعة المائية من تركيز المواد الضارة في مياه الأسماك، مثل الأمونيا والنترات والفوسفات، وتزيد من مستوى الأوكسجين، مما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض والإجهاد.
• توفير فرص للتنويع والابتكار، حيث يمكن اختيار أنواع مختلفة من الأسماك والنباتات التي تتوافق مع الظروف المحلية والطلب السوقي، وتطبيق تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج والجودة.

طريقة عمل تقنية الزراعة المائية المتكاملة مع تربية الأسماك

اختيار نوع أو سلالة من النباتات التي ترغب في زراعتها، مع مراعاة عوامل مثل التوافق مع نظام التدوير والحاجة إلى المغذيات والإيرادات المتوقعة.واختيار نظام مناسب للزراعة المائية، حسب نوع النباتات والمساحة المتوفرة. يمكن استخدام أنظمة مختلفة، مثل:

• نظام التغذية التصادفية (NFT)، حيث يتدفق الماء في قنوات بلاستيكية ضيقة بها فتحات لإدخال جذور النباتات.
• نظام الفيلم الرقيق (DFT)، حيث يتدفق الماء في قنوات بلاستيكية واسعة بها طبقة رقيقة من الركيزة لدعم جذور النباتات.
• نظام السرير المائي (DWC)، حيث تطفو النباتات على سطح الماء في أحواض بلاستيكية أو خشبية، مع جذورها مغمورة في الماء.
• نظام السرير الجاف (Ebb and Flow)، حيث تزرع النباتات في أحواض بها ركيزة مثل الحصى أو الطين الموسع، ويتم ضخ الماء إلى الأحواض بشكل دوري وتصريفه بعد فترة معينة.
• تركيب نظام التدوير بين حوض الأسماك وحوض الزراعة المائية، مع استخدام مضخات وأنابيب وصمامات لنقل الماء. يجب أن يكون هناك مرشحات لإزالة المخلفات الصلبة والذائبة من مياه الأسماك قبل إرسالها إلى الزراعة المائية، وأجهزة لقياس درجة الحموضة والملوحة والأوكسجين والمغذيات في الماء.