advertisement

تأثير الانسان والصيد الجائر على الثروة السمكية

advertisement

التوازن البيئي في البيئة البحرية

advertisement

تتمتع البيئة البحرية بأهمية كبيرة، فهي لا تختلف عن باقي فروع البيئة مثل الصحراء والغابات وغيرها. ومن أجل الحفاظ على هذه البيئة واستدامتها، فإن التوازن البيئي يمثل أمرًا بالغ الأهمية. يتطلب الحفاظ على التوازن بين نشاطات ومكونات النظام البيئي البحري الحفاظ على استمراريته ومعايشته بالشكل الذي نعرفه. وفي حالة حدوث اختلالات في هذا التوازن، سواء كانت ناتجة عن عوامل طبيعية أو تدخل الإنسان، فإنها قد تؤدي إلى ظهور آثار سلبية وتدهور الوضع البيئي.

الأسماك: ثروة بحرية مهددة

من بين المكونات الحية للبيئة البحرية، تبرز الأسماك كمصدر هام للغذاء والبروتين للإنسان، وكمادة خام لصناعات مختلفة. وقد ازداد الطلب على الأسماك مع نمو عدد سكان الأرض وتطور احتياجاتهم، مما دفع بالإنسان إلى استغلال هذه الثروة بشكل مفرط وغير مدروس. فقد تضخم حجم أساطيل صيد الأسماك، وتحسنت تقنياتها، وتنوعت أهدافها، حتى باتت تلاحق أنواع جديدة من الأسماك في مناطق بعيدة عن السواحل. وهذا يشكل خطرًا على التوازن البيئي في البحار والمحيطات، وعلى استدامة هذه الثروة للأجيال المستقبلية.

advertisement

يمكن أن تنشأ الاختلالات البيئية نتيجة لعوامل طبيعية مثل التغيرات المناخية، التي يصعب التحكم فيها. كما يمكن أن يكون التدخل البشري أحد أسباب تلك الاختلالات، سواء عن طريق الصيد المفرط للأسماك أو الاستزراع اللاحق للبيئة البحرية. هذا ينتج عنه تأثيرات قصيرة وبعيدة المدى، وقد تكون بعض تلك التأثيرات لا يمكن تصحيحها.يجب أن يتم استغلال الثروة السمكية بطريقة رشيدة ومستدامة لضمان استمراريتها، ويتطلب ذلك تنظيم عمليات الصيد وتطوير ممارسات صديقة للبيئة.

العوامل الطبيعية التي تؤثر على الثروة السمكية

يتأثر حجم مخزون الأسماك الطبيعي بشكل إيجابي أو سلبي حسب تأثير الظروف الطبيعية والعوامل المناخية، وهو ما يؤثر في نمو الأسماك وبقائها على قيد الحياة.ومن هذه العوامل الطبيعية:

  • العوامل البيئية والمناخية:من العوامل الطبيعية التي تؤثر على الثروة السمكية درجات حرارة المياه وملوحتها، وتيارات الماء، وتوزيع المغذيات والعناصر الغذائية الأساسية في البيئة البحرية.ايضاً توفُّر الغذاء الكافي لمختلف مراحل حياة الأسماك، وهذا يعتبر أمرًا حاسمًا لاستدامة الأنواع المختلفة.
  • العلاقات البيئية والسلوك الغذائي: تفاعل الأسماك مع بقية الكائنات البحرية والمكونات البيئية الأخرى. يمكن للأسماك أن تكون مفترسة أو غذاءً لأسماك أخرى حسب موقعها في سلسلة الغذاء.هذه العلاقات تحدد مكانة كل نوع من الأسماك في السلسلة الغذائية، فهناك أسماك تتغذى على أسماك أخرى، وهناك أسماك تشكل غذاء لأسماك أخرى. هذه العلاقات تؤثر على توازن المخزون السمكي بشكل إيجابي أو سلبي.
  • درجات الحرارة والملوحة: هذه العوامل تحدد نوعية وكمية الأسماك في كل منطقة بحرية، فالأسماك تحتاج إلى ظروف معينة للبقاء والتكاثر والنمو. كما تحتاج إلى مصادر غذائية كافية في كل مرحلة من مراحل حياتها.
  • ظاهرة “النينو”: هي ظاهرة تحدث عندما تتدفق مياه دافئة على شواطئ أمريكـا، وتسبب في هطول أمطار غزيرة. هذه المياه تؤثر على كمية ونوعية الأسماك في تلك المنطقة، ففي بعض الأحيان تزيد من مصادر غذائها، وفي بعض الأحيان تقلل منهـا. مثلا، في عام 1982-1983، سببت هذه الظاهرة انخفاض كبير في مصادر أسماك الأنشوجة في بيرو، وزيادة كبيرة في مصادر الربيان في بعض المناطق.
  • التيارات المائية: هي حركات للماء في البحار والمحيطات، تحدث بسبب فروق في درجات حرارة الماء أو الملوحة أو قوى خارجية مثل الرياح. هذه التيارات تؤثر على نقل المغذيات والبلانكتون واليرقات إلى مناطق مختلفة من البحار، مما يؤثر على وفرة أو ندرة بعض أنواع الأسماك. مثلا، في شواطئ المغرب وموريتانيا، يسبب التيار المائي الدافئ ازدهار لبعض أنواع الأسماك.
  • كمية الماء المتدفقة من الأنهار: هي كمية الماء التي تصل إلى البحار من الأنهار، وتحمل معها مواد عضوية وغير عضوية تعتبر مصدر غذاء للبلانكتون، الذي يشكل بدوره مصدر غذاء للأسماك. هذه الكمية تتغير باختلاف كمية الأمطار التي تسقط على المناطق المجاورة للأنهار. مثلا، في عام 1988، سببت زيادة كمية الماء المتدفقة من نهري دجلة والفرات إلى الخليج العربي زيادة كبيرة في مصادر الربيان في الكويت.

advertisement

advertisement

وبهذا نستطيع أن نستنتج أن المخزون السمكي يتأثر بعدة عوامل طبيعية، تحدث في مراحل مختلفة من حياة الأسماك، وتؤثر على توازنه بشكل إيجابي أو سلبي. وعلى الإنسان أن يأخذ هذه العوامل بعين الاعتبار عندما يقوم بالصيد أو التربية أو الحفاظ على المخزون السمكي.

تأثير الإنسان على الثروة السمكية

الإنسان له دور كبير في التأثير على الثروة السمكية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. يظهر التأثير الغير المباشر للإنسان على الثروة السمكية من خلال بعض الأنشطة التي تسبب التلوث أو التغيرات في البيئة البحرية. فالتلوث بأشكاله المختلفة (الكيميائية، الحرارية، الإشعاعية، إلخ) يضر بصحة وجودة الأسماك والحيوانات البحرية، وقد يؤدي إلى نفوقها أو تشوهها أو تغير سلوكها. كما أن بعض التغيرات في المنطقة الساحلية، مثل استصلاح الأراضي أو تدمير المانجروف، يؤثر سلبا على مناطق حضانة وتكاثر الأسماك، ويقلل من مساحات الملاذات والغذاء المتاح لها. لذلك، يجب أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيئة البحرية من هذه التأثيرات غير المرغوب فيها.

التأثير المباشر: الصيد

advertisement

الصيد هو عملية استخراج الأسماك من بيئتها للاستفادة منها. ولكن هذه العملية لها تداعيات على توازن البيئة البحرية وقدرة الأسماك على التجديد والتكاثر. فإذا تجاوزت كمية الصيد حدود ما يمكن للثروة السمكية تعويضه، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض حاد في المخزون السمكي أو انهيار بعض المصائد. لذلك، يجب أن يتم الصيد بطريقة رشيدة ومسؤولة، تحافظ على استمرارية الثروة السمكية وتحقق المنفعة للإنسان.

الصيد الرشيد المستدام

الصيد الرشيد هو صيد يستغل كمية مناسبة من المخزون السمكي دون أن يؤدي إلى خفض قدرته على التجديد والتكاثر. فالأسماك لها معدلات مختلفة من النمو والإنتاج والوفيات الطبيعية، وتتأثر بعوامل مثل الغذاء والمنافسة والافتراس. فإذا تركنا الأمر على طبيعته، فسيصل المخزون السمكي إلى حد أقصى يحدده الظروف البيئية، ولا يزيد عنه إلا بمقدار ما يهلك من الأسماك طبيعيا. لذلك، يجب أن يكون الصيد محدودا بمقدار ما يمكن للمخزون تعويضه في الموسم التالي، وأن يستهدف الأحجام الكبيرة التي لديها معدل نمو بطيء ولا تساهم كثيرا في التكاثر. وهذا يتطلب إدارة رشيدة للثروة السمكية، تحدد عدد الصيادين والقوارب والمعدات المسموح بها، وتضع قواعد وضوابط للصيد. وهذا ما يسمى بالصيد المستدام.

الصيد الجائر غير المسئول

على النقيض من الصيد الرشيد، يوجد الصيد الجائر غير المسئول، وهو صيد يزيد عن حاجة المخزون السمكي وقدرته على التعافي. وهذا يحدث عندما يكون هناك زيادة في قدرات الصيد أو عدم احترام للقواعد والضوابط التي تحمي الثروة السمكية. وهذا يؤدي إلى تدهور في جودة وكمية المخزون السمكي، وانخفاض في مستوى التنوع البيولوجي، وزعزعة في التوازن البيئي. وهناك نوعان من الصيد الجائر: أحدهما يستهدف الأسماك الكبيرة التي تلعب دورا مهما في التكاثر والإنتاج، والآخر يستهدف الأسماك الصغيرة التي لم تكمل نموها بعد، والتي تشكل خسارة في إنتاجية المصائد. لذلك، يجب على الجهات المعنية بالحفاظ على الثروة السمكية مراقبة وتقييم حالة المخزون السمكي، ووضع التنظيمات والإجراءات التي تضمن استغلاله بطريقة مستدامة.

advertisement