advertisement

الدويلات في شبه الجزيرة العربية (حضارات قديمة)

advertisement

تاريخ شبه الجزيرة العربية يعود إلى آلاف السنين، حيث شهدت تواجدًا لعدة دويلات سياسية قامت وتعاقبت على مسرح الأحداث في هذه المنطقة. تعد هذه الدويلات جزءًا أساسيًا من البنية الحضارية التي تشكلت في شبه الجزيرة العربية وساهمت في تشييد المجتمعات والثقافات التي تنمو على أراضيها.في هذا المقال، سنتعرف على بعض الدويلات الرئيسية التي نشأت في مناطق مختلفة من شبه الجزيرة العربية. سنستكشف الدويلات الجنوبية، الدويلات الشمالية،كما سنلقي الضوء على بعض الدويلات التي نشأت في وسط الجزيرة العربية.

advertisement

مع دراسة هذه الدويلات المختلفة، سنتعرف على التنوع الثقافي والتاريخي لشبه الجزيرة العربية، وكيف تشكلت المجتمعات وتفاعلت فيما بينها عبر العصور. ستتيح لنا هذه الرحلة التاريخية فهم أعمق لجذور المنطقة وتأثيرها على العالم العربي وما وصلنا إليه في الوقت الحاضر.

اولاً معنى الدويلات

مصطلح “الدويلات” يستخدم بشكل عام لوصف الكيانات السياسية الصغيرة والمستقلة او الهياكل السياسية التي سادت في فترات زمنية معينة في فترات ما قبل الدولة أو في مرحلة ما بعد انهيار الإمبراطوريات الكبيرة. يعكس هذا المصطلح تنوع التشكيلات السياسية والقبلية والاجتماعية التي عاشت فيها المنطقة في الماضي، ويساعد في فهم تطور الحكم والتنظيم السياسي في تلك الفترات التاريخية.تعتبر الدويلات هي الشكل الأدنى للتنظيم السياسي، وعادة ما تكون ذات طابع قبلي أو عشائري، حيث يتم قيادتها بواسطة حاكم أو أمير من العائلة الحاكمة.

advertisement

تتميز الدويلات بالاستقلالية والتمتع بسيادة محدودة على أراضيها، وعادة ما تكون قواعدها الاجتماعية والاقتصادية ترتكز على العلاقات القبلية والتجارة الداخلية والخارجية. تختلف حجم الدويلات ونفوذها بناءً على التوازنات السياسية والعسكرية والاقتصادية في الفترة الزمنية المحددة.

1- الدويلات الجنوبية

advertisement

  • الدويلة المعينية: نشأت في منطقة الجوف السهلية بين نجران وحضرموت في الألف الثالث قبل الميلاد. امتد نفوذها شمالًا حتى وصلت إلى جنوب فلسطين وأعالي الحجاز. سيطرت هذه الدويلة على طرق التجارة الدولية وأقامت علاقات تجارية مع مصر حيث كان تجارها يصدرون البخور والعطور إلى المعابد المصرية.
  • الدولة القتبانية: ظهرت خلال حكم الدويلة المعينية، وتأسست في منطقة الزاوية الجنوبية حول عدن. سيطرت على طرق التجارة الدولية عند مضيق باب المندب. في القرن الثاني قبل الميلاد، اندمج القتبانيون بالسبئيين وفقدوا استقلالهم.
  • الدويلة السبئية: يُنسب تأسيس هذه الدويلة إلى عبد شمس ابن يشحب الملقب بـ “سبأ”. انتشرت عبر مناطق الجنوب العربي وسبا الكثير من الأمم. تولّى عبد شمس قيادة قبائل من البدو وهاجم في أنحاء الجنوب العربي واستقر في اليمن. سيطرت على مدينة مأرب وصرواح، ومنها امتد نفوذ السبئيين إلى حضرموت وقتبان. اعتمد ملوكهم الدين كوسيلة للحكم وخاضوا حروبًا محلية وشيدوا حصونًا وهياكل، وبنوا سدّ مأرب العظيم في القرن السابع قبل الميلاد. سيطروا على التجارة البحرية بين الهند ومصر وطريق القوافل جنوب الحجاز إلى سوريا وفلسطين.
  • الدويلة الحميرية: في حوالي العام 115 قبل الميلاد، ظهرت مملكة صغيرة أخرى في الجنوب العربي، وهي مملكة الحميريين. هاجمت مملكة سبأ وسيطرت عليها، وبالتالي سيطرت على طرق التجارة. في عام 25 قبل الميلاد، انزعج أغسطس الروماني من هذا الوضع وأرسل جيشًا بقيادة جالوس للاستيلاء على مأرب، ولكنه فشل في مهمته. وفيما بعد، نجح جيش آخر في الاستيلاء على عدن، وبذلك انتقلت السيطرة على طرق التجارة إلى روما. في هذا الوقت، عبرت جزء من الحميريين البحر الأحمر واستعمروا الحبشة ونشروا ثقافتهم بين الأحباش والزنوج.

2- الدويلات الشمالية

advertisement

  • الدويلة النبطية: هاجر الأنباط من وسط شبه الجزيرة العربية حوالي القرن الخامس قبل الميلاد واستقروا في المنطقة الممتدة من نهر الفرات إلى البحر الأحمر. توسعت حدود دولتهم حتى وصلت دمشق، وكانت عاصمتهم البتراء. استخدم النبطيون لغة عربية شمالية وكانوا يستخدمون الخط الآرامي النبطي في كتابة لغتهم. حافظت الدويلة النبطية على استقلالها خلال العهد الهليني والروماني، وسيطرت على طرق التجارة. ومع ذلك، هاجمها الإمبراطور تراجان وأنهى دولتها في عام 106 م، وأنشأ مكانها المقاطعة العربية التي حددت حدودها بسور من الحصون المنيعة.
  • الدولة التدمرية: قامت التدمريون بالحفاظ على الحياد في النزاع بين الرومان والفارتيين، مما ساعد على تعزيز مركزهم التجاري وتوسيع علاقاتهم، واستفادوا من وجود الأباطرة العرب على عرش روما. في عام 260 م، تمكن ملك تدمر أذينة بن الميذع من محاربة الفرس وتوسيع سيطرته على سوريا بأكملها، وأجبر الإمبراطور الروماني غلينوس على الاعتراف به كإمبراطور للمشرق. بعد وفاته في عام 268 م، تولت زوجته زينب أو زنوبيا الحكم ووصلت تدمر إلى أقصى حدودها. حاولت ضم مصر إلى الدولة العربية، وتصدت للرومان وانتصرت عليهم في الفسطاط في عام 270 م. اعترف كلوديوس بنصرها واعترف بضم مصر إلى تدمر، بما في ذلك مدينة الإسكندرية. أثار ذلك غضب الرومان ودفعهم للسعي للتخلص منها. قام أورليانوس بتجهيز جيش كبير وهاجمها وانتصر عليها وضم أراضيها إلى روما. وبذلك انتهت حقبة الدول العربية المستقلة في الشمال.
  • دويلة الغساسنة: شملت أراضيهم المناطق الواقعة شرق نهري العاصي والأردن، وامتدت من شمال العراق إلى خليج العقبة. تحالفوا مع الروم في عهد يوستنيانوس حوالي عام 529 م لصد غارات الفرس على حدودهم الشرقية. الحارث الخامس كان أشهر ملوكهم وسيطروا على جميع العرب في سوريا. انضم الغساسنة فيما بعد إلى الدولة العربية الإسلامية في عام 636 م.
  • اللخميون: أسس نصر بن ربعة بن لخم دولتهم في الحيرة على نهر الفرات بالقرب من بابل في القرن الثالث الميلادي. تنافسوا مع الغساسنة على طرق التجارة في البادية، واستغل الفرس هذه الفرصة وساندهم واستخدمهم كعمال لهم في العراق لصد الغارات الرومانية والغساسنة عن حدودهم الغربية. كان النعمان الثالث هو أشهر ملوكهم، وكان يرغب في الاستقلال عن الفرس، لكن كسرى الثاني استدرجه إلى عاصمة المدائن وأطاح به من العرش. أثار ذلك غضب العرب، وهاجموا الفرس في عام 610 م وانتصروا عليهم في موقعة ذي قار.

3- دويلات الوسط

  • الكنديون: كانوا من عرب الجنوب وهاجروا إلى الشمال في عام 480 م بقيادة ملكهم حجر بن عمرو. استقروا في مناطق واسعة في نجد وتوسعوا شمالًا نحو العراق والشام وجنوبًا نحو عمان. نشب خلاف بينهم وبين دولة اللخميين في الحيرة مما أدى إلى استيلائهم على الحيرة في الفترة بين عامي 505 و529 م.
  • جمهورية مكة: تقع مكة في تهامة جنوب الحجاز على طريق القوافل بين مأرب وغزة. على الرغم من أنها كانت في البداية مقامًا دينيًا، إلا أن سكانها أظهروا براعة في التجارة وأعمالها المرتبطة بها. مع مرور الوقت، تحولت مكة إلى جمهورية تجارية يقودها الموسرون، وهم أعيان قريش البارزين الذين استفادوا من موارد التجارة والمناصب في البيت الحرام وتوفر سبل الترف على نطاق واسع. في أواخر القرن السادس الميلادي، بنى قصي، مؤسس مجد قريش، دار الندوة التي اجتمع فيها كبار أهل مكة للتشاور في شؤون المدينة. ويعود الفضل لعبد المطلب في إنقاذ المدينة من غارة أبرهة في عام 570 م.

 

advertisement