advertisement

كيف خرج نابليون من مصر؟ولماذا هرب سراً

advertisement

خرج نابليون من مصر سرا في 24 أغسطس 1799، تاركا الجنرال كليبر على رأس الحملة الفرنسية. وذلك بعد أن فشل في تحقيق أهدافه الاستراتيجية والعلمية في مصر والشام، وواجه مقاومة من الدولة العثمانية والإمبراطورية البريطانية. سافر نابليون على متن سفينتين فرنسيتين، متخفيا من الأسطول الإنجليزي، ووصل إلى فرنسا في 9 أكتوبر 1799. بعد عودته، قام بانقلاب سياسي وأصبح حاكما لفرنسا.

advertisement

نابليون بونابرت وحفر قناة السويس

ذكر المؤرخون، مثل عبد الرحمن الجبرتي، أن حفر قناة السويس تم ذكره صراحة في القرار الرسمي الصادر في 12 أبريل 1798. وجاء نص القرار كالتالي: “يستولي الجنرال قائد الجيش على مصر، بطرد الإنجليز من جميع ممتلكات الشرق التي يستطيع الوصول إليها، ويهدم بنوع خاص جميع وكالاتهم التجارية على البحر الأحمر، ويحتل برزخ السويس ويتخذ جميع الإجراءات اللازمة لتأمين امتلاك الجمهورية الفرنسية للبحر الأحمر بصفة مطلقة”.ويشير المؤرخون أيضًا إلى أن فكرة حفر قناة السويس لم تكن ابتكارًا فرنسيًا، حيث كان الأوروبيون يحلمون بفكرة ربط البحار منذ القرن السادس عشر. وكان الهدف من ذلك هو قطع طريق رأس الرجاء الصالح وتحقيق السيطرة على طريق الهند إلى النصف الآخر من العالم.

وفي ليلة عيد الميلاد عام 1798، زار نابليون بونابرت السويس برفقة عدد من الجنرالات وثلاثمائة جندي، وعدد من العلماء بينهم مونج ويبرتوليه وجاك-ماري لوبير، الذي كان كبيرًا لمهندسي الطرق والجسور. وخلال هذه الزيارة، قاموا بزيارة ينابيع مياه شديدة الملوحة تُعرف بـ”عيون موسى” واستعرضوا آثار القناة التي ربطت النيل بالسويس قرونًا قبل ذلك. وعندما عادوا، فوجئوا بارتفاع مستوى المد.بعد ذلك، تم تكليف لوبير باتخاذ الإجراءات اللازمة لربط البحرين عن طريق القناة، وعاد المهندس لوبير لزيارة برزخ السويس أربع مرات برفقة معاونيه. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهوها، مثل تهديدات البدو ونقص الموارد التقنية، قام لوبير بإعداد تقرير يتضمن استنتاجًا خاطئًا بشأن ارتفاع مستوى مياه البحر الأحمر عن مياه البحر الأبيض المتوسط بحوالي عشرة أمتار. هذا الاستنتاج أثار قلقًا بشأن تداعيات حفر القناة وارتفاع منسوب المياه بين البحرين، وما قد يتسبب فيضان في الدلتا في حال تم حفر القناة.

advertisement

مقاومة المصريين ضد الحملة الفرنسية

تعرض المصريون للحملة الفرنسية وقاوموها بشجاعة. قدموا تضحيات جساماً من دماء شبابهم ونسائهم وأطفالهم من أجل الدفاع عن أرضهم وكرامتهم. استشهد العديد من المصريين في سبيل وطنهم، ومن بين الشخصيات المصرية الوطنية التي رفضت الاستسلام للاحتلال الفرنسي كان البطل محمد كريم. يُعد محمد كريم أحد أبرز الشخصيات التي خاضت المعركة ضد الفرنسيين، وتميز بشجاعته وعزمه ورفضه الانصياع لأوامرهم. قاوم الجيوش الفرنسية وأسلحتهم المتقدمة بوسائل بسيطة ومحدودة. تم محاصرته واعتقاله، ثم أدين بالإعدام شنقًا في الميدان العام، حتى يشهده جميع المصريين ومن يتجرأ على عدم قبول أوامر الفرنسيين بونابرت. لم ينس المصريون الجهود التي بذلها محمد كريم وغيره من الشخصيات المصرية التي قدمت دماءها في سبيل تحرير وطنهم.

بونابرت يلعب بورقه الاسلام

يُذكر أن نابليون بونابرت استخدم براعة استراتيجية في التعامل مع الدين الإسلامي في مصر بهدف جذب تعاطف المسلمين. بعد أن تراجعت قوته العسكرية بنسبة ثلث، عاد بونابرت إلى القاهرة ونظم استقبالًا بهيجًا، وأصدر بيانًا باللغة العربية لإعلام سكان القاهرة أنه لم يعد هناك عقبات تقف في وجههم في عكا، واستخدم هذا البيان للتأكيد على حبه للمسلمين واحترامه للإسلام.وكان لبونابرت نية بناء جامع فريد من نوعه في العالم وحتى التحول واعتناق الإسلام. ومع ذلك، واجهته عقبتان أساسيتان تمنعانه من تحقيق ذلك. العقبة الأولى كانت صعوبة قبول الختان، والعقبة الثانية كانت صعوبة التخلي عن شرب الخمور. وعلى الرغم من ذلك، تجاوز علماء المسلمين ببراعة هاتين العقبتين، وتلاشت تلك الأمور مع مرور الوقت.تجدر الإشارة إلى أن الجنرال جاك مينو، الذي كان من أصحاب الرتب المالية العليا وكان عضوًا في الجمعيات العامة للنبلاء قبل الثورة، اعتنق الإسلام وتزوج امرأة مسلمة وغير اسمه إلى عبد الله.

advertisement

advertisement

تنازل نابليون بونابرت عن قيادة الحملة لمينو

يروي المؤرخون أنه بعد هزيمة الحملة الفرنسية في مصر وطردهم منها، تنازل نابليون بونابرت عن قيادة المهمة وتركها لآخرين، وأصبحت مسؤولية القيادة في مصر تحت إشراف القائد المدعو “مينو”.ثم قام بونابرت في 10 فبراير 1799 بغزو سوريا، حيث توجه إلى الشرق برفقة الجنرال “لان” والجنرال كليبر وجيش يضم 12 ألف جندي فرنسي. تركوا المهمة في مصر للقائد الجديد “مينو”.كان هدف بونابرت هو منع تحالف الجيشين التركيين وطرد الإنجليز من السواحل. كما كان يسعى لتحريض العرب ضد الأتراك بعد فشله في جمع المسلمين حوله. وكان على يقين بأن السوريين مستعدون لمقاومة الأتراك وأن اليونانيين والأرمن قد يندلعون في تمردهم.

العودة سراً الى فرنسا

حقق نابليون انتصارًا كبيرًا في معركة أبو قير في 25 يوليو 1799، وكان هذا الانتصار يعتبر محوًا للهزيمة البحرية التي حملت الاسم نفسه.حيث سارع بونابرت لمواجهة حوالى 18 ألف جندي تركي كانوا ينزلون من السفن بالقرب من الإسكندرية وأعادهم إلى البحر.وفي 23 أغسطس، عاد بونابرت سراً إلى الأراضي الفرنسية برفقة عدد من الجنرالات، بما في ذلك بيرتييه ودوروك ولان ومارمون ومورا، بالإضافة إلى أعضاء لجنة العلوم والفنون مثل مونج وبيرتوليه وفيفان دينون.وذلك لمحاولته لإنقاذ بلاده من محاولات أوروبا للسيطرة عليها، حيث كات حكومة الإدارة في واقع الأمر قد أرسلت إلى بونابرت تطلب منه الرجوع إلى فرنسا لصد أي هجوم أو غزو محتمل للبلاد.ويجدر الإشارة إلى أن خليفته كليبر لم يكن مقتنعًا تمامًا بوجود بونابرت،وكان مقتنعًا شخصيًا بأن لا مكان لهذا الجيش في مصر وأنه سيكون أكثر فائدة في ميادين المعركة في أوروبا.وبعد ذلك، انتهى وجود الجيش الفرنسي في مصر بعد مقاومة شرسة خلال فترة تواجده فيها عام 1801، ولم يمضِ وقت طويل حتى تولى محمد علي باشا الولاية على مصر استجابة لمطالب الشعب بعد تعرضه للكثير من الألم والمعاناة تحت حكم الولاة العثمانيين السابقين.

advertisement

الحملة الفرنسية شملت أكثر من 165 عالماً فى مختلف المجالات

شهدت الحملة الفرنسية على مصر وجودًا لعدد كبير من العلماء البالغ عددهم حوالي ١٦٧ عالمًا في مجالات متنوعة. تم توزيع هؤلاء العلماء على عدة تخصصات وفقًا لتقديرات أمين عام خزانة الجيش أثناء عبورهم البحر المتوسط، وكان التوزيع كما يلي: ٢١ عالمًا في الرياضيات، و٣ في الفلك، و١٥ في العلوم الطبيعية وهندسة المناجم، و١٧ مهندسًا مدنيًا، و١٥ جغرافيًا، و٤ مهندسين معماريين، و٣ مهندسين إنشائيين، و٨ رسامين، ونحات واحد، و١٠ مبكانيكيين فنانين، و٣ في البارود والمتفجرات، و١٠ أدباء وسكرتيرين، و١٥ قنصلًا ومترجمًا، و٩ في شؤون صحية، و٩ في حجر صحي، و٢٢ في فنون الطباعة، و٢ موسيقيًا.بين هؤلاء العلماء كانت هناك شخصيات مشهورة مثل جاسبار مونج Mong، الذي كان أحد أبرز علماء الرياضيات في عصره وابتكر طريقة مشهورة لتعليم الهندسة الوصفية. وكذلك كان هناك كلود لوي بيرتوكيه، عالم كيمياء بارز اكتشف خواص المواد المزيلة للألوان واستخدمها في تبييض الأقمشة الملونة. وأتيين جيوفروسان – هيلير، أستاذ كرسي في علم الحيوان بالمتحف، وحقق شهرة في سن مبكرة قبل أن يساهم في تأسيس علم الأجنة.

كان العديد من أعضاء الحملة من الشباب الصغار الذين حققوا الشهرة فيما بعد، مثل فوربيه وكونتيه ولانكريه. نابليون كان مهتمًا بإضفاء البعد العلمي والفني على حملته إلى مصر، وذلك بعد تجربة مماثلة قام بها في غزواته العسكرية في الراين وإيطاليا، وكان فخورًا بانضمامه إلى أكاديمية العلوم.

قبل مغادرته، أمر نابليون بشراء مكتبة حقيقية تضم ٥٥٠ مؤلفًا رئيسيًا، ونقل معه مواد طباعة بثلاث لغات (الفرنسية واليونانية)، ومعملاً كيميائيًا ومكتبة فيزياء، ومكتبة تاريخ طبيعي، ومرصدًا، ومعدات كاملة لصناعة المناطيد وقيادتها. تم توزيع العلماء على عدة سفن حربية أثناء عبورهم البحر المتوسط لكي لا يتعرضوا للخطر في حال غرق سفينة واحدة. في البداية، كان الضباط العسكريون يتهكمون ويستخفون بوجود العلماء، ولكنهم تغيروا رأيهم عندما تعرفوا على خدماتهم وتقديرهم. لم يتصور أحد في تلك الفترة أن حملة مصر ستترك أثرًا حقيقيًا في التاريخ بفضل مساهمة هؤلاء المدنيين.

advertisement