advertisement

بحث حول سورة الحج

advertisement

مقدمة بحث عن سورة الحج

advertisement

جاء القرآن الكريم منهجاً ودستوراً للعالمين، وانضوت صفحاته على معاني عميقة وقوية، بلغة بليغة لا مثيل لها، وحصّتنا اليوم من الكلام في القرآن هو بحث عن سورة الحجّ.تضمنّت سورة الحجّ معاني رائعة -كما هي جميع معاني القرآن- فجمع الله فيها تقريع المشركين وتبشير المسلمين، وعرضَ ما حدث مع سيدنا إبراهيم عليه السلام بعد بناء الكعبة، وذكّر المسلمين بنعمه الجزيلة، وأمرهم بطاعته وتقواه.ونزلت سورة الحجّ في فترة هجرة النبي  ﷺ من مكّة إلى المدينة. عدد آيات السورة 78 آية، وجاءت في الجزء السابع عشر، وترتيبها السورة رقم 22، وذكر البعض أنها نزلت بعد سورة النور.

هل سورة الحجّ مدنية أم مكية؟

اختلف العلماء فيما إن كانت سورة الحجّ سورةً مدنية أو مكيّة، فنصف السورة الأول يتكلم عن الإيمان والعقيدة، وهذا أسلوب السور المكيّة، ونصفها الآخر جاء بالأسلوب التشريعي الخاص بالأسلوب المدني، لكن الجمهور اتّفق على أنّ معظم آيات سورة الحجّ مكيّة، وأن أربعاً منها فقط هي مدنية:

advertisement

  • الأية 52 :{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم}.
  • الأية 53 :{لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}.
  • الأية 54 :{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}.
  • الأية 55 : {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}.

فضل سورة الحجّ

سورة الحجّ هي السورة الوحيدة التي نزلت باسم من أسماء أركان الإسلام الخمسة، وذلك تعظيماً وإبرازاً لما حدث مع سيدنا إبراهيم علي السلام الذي بعد أن انتهى من بناء الكعبة أمره الله أن ينادي الناس للحج إلى بيته.لكن عند البحث عن سورة الحجّ، لم نجد ما يثبت فضلها عن غيرها من السور، لكنّها في الحقيقة تتميز بأنّ فيها سجدتين اثنتين، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنّه صلّى يوماً فقرأها، فسجد مرتين:

  • {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (الآية: 18)
  • {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُواوَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الآية: 77)

advertisement

موضوعات سورة الحجّ

بدأ الله سورة الحجّ بمخاطبة الناس جميعاً، وأمرهم بالتقوى، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ. ثم جاء الحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن حال الناس بعد بعثهم من قبورهم من أجل الحساب. ثم توجّه الخطاب إلى المنكرين بأسلوب عرض الأدلّة والإقناع، وكيف أنّ المشركين يجادلون بلا علم ولا بيّنة.بعدها ذكر الله تعالى شكل إيمان المنافقين الذين يعبدون الله على حرف، فما إن تصبهم مصيبة حتّى  يسخطوا وينقلبوا على أمرهم ويتركوا دينهم. ثم ذكر الله أنه هو من سيفصل بين عباده يوم الحساب، ثم ذكر الفرق بين المؤمن والكافر وعاقبة كل منهما.

تحدّثت سورة الحجّ أيضاً عن نبي الله إبراهيم، وعن أمر الله له بالأذان للحجّ، ثم التحذير من الشرك وسوء عاقبته. وفي هذه السورة منح الله المؤمنين إذنه بالقتال، ووعدهم بالنصر والتمكين في الأرض، كما عرض صوراً من الابتلاءات والعذاب الذي كان الأنبياء قبل محمد ﷺ يتعرضون له من الناس والشياطين، وذلك فيه شيء من التخفيف عن محمد ﷺ.وفي البحث عن سورة الحجّ تجد أن الله اختتم السورة بتذكير الناس بنعمه عليهم، ومنح المؤمنين بعض التوجيهات والإرشادات، كالعمل بالمعروف وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاجتهاد والاعتصام بالله تعالى.

تسمية سورة الحج

advertisement

سُمّيت هذه السورة باسم الحجّ بتشديد الجيم نسبة الى فريضة الحج الى بيت الله. بسبب ما فيها من ذكر لقصة إبراهيم عليه السلام بعد أن بنى الكعبة، فبعد أن أتمّ بناءها، أمره الله تعالى أن ينادي الناس إلى الحجّ إلى بيته الحرام.كما نوهت السورة لما في الحجّ من منافع وفضائل، مع العلم أنّ السورة نزلت قبل فرض الحجّ على المسلمين بتسعة أعوام في أغلب الظن.

اسباب نزول سورة الحج

advertisement

من أهم مواضيع البحث عن سورة الحجّ هي معرفة ما نزل منها لسبب، وذلك يعين على فهم آياتها. وهذه بضعه آيات نزلت على حوادث حصلت في عهد النبي ﷺ:

قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ)

قال المفسرون فيها، أن بعض الأعراب كانوا يأتون من البادية إلى رسول الله ﷺ في المدينة، فيأمنون له ما دامت صحّتهم حسنة، ومالهم وماشيتهم كثيرة، وإن ولدت امرأته غلاماُ، وأنتجت فرسه مهراً. لكن إن تدهورت حالهم، ونقص مالهم، وولدت نساؤهم بناتاً، أتاهم الشيطان فوسوس له: والله ما أصابك خير قط منذ كنت على دينك. فينقلب الرجل على دينه ويترك الإسلام.كما قد رُوي في هذه الآية أن سبب نزولها هو في قصة اليهودي الذي أسلم فذهب بصره وماله وولده، فتشاءم بالإسلام، وقال إنّي لم أصب في ديني هذا خيراً، فنزلت هذه الآية.

سبب نزول آية (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ…)

advertisement

نزلت هذه الآية في المؤمنين الثلاثة الذين بارزوا ثلاثة من المشركين يوم معركة بدر؛ حمزة وعلي وعبيدة رضي الله عنهم، وعتبة، وشيبة والوليد بن عتبة.وقال ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية: نزلت الآية بعد أن قال أهل الكتاب للمؤمنين: نحن أولى منكم بالله، فكتبنا ونبيّنا أقدم من كتابكم ونبيّكم، فرد عليهم المؤمنون: نحن أحق بالله منكم، فنحن آمنّا بمحمد ﷺ، وعيسى عليه السلام، وبما أنزل الله، أمّا أنتم تعرفون نبيّنا، لكن كفرتم به حسداً.

سبب نزول آية (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا…)

عند البحث عن سورة الحجّ ستعرف أن هذه الآية كانت فاصلة في تاريخ المسلمين، فالمؤمنون قبل هجرتهم من مكّة يعانون شتّى أصناف العذاب على يد المشركين، وكانوا يشكون حالهم لرسول الله ﷺ، فيقول لهم: “اصبروا فإني لم أومر بالقتال”. لكن عند هجرتهم إلى المدينة، أنزل الله هذه الآية التي سمحت لهم بقتال المشركين.

سبب نزول آية (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا…)

عندما نزلت سورة النجم، قرأ رسول الله ﷺ الآيتين: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى – وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}، ألقى الشيطان على لسانه: “تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتجى” فسمع المشركون ذلك وفرحوا به، وقالوا أنّ محمداً ذكر آلهتنا بخير.حينها جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله ﷺ وقال: اعرض علي كلام الله، فلما عرض عليه قال: أما هذا فلم آتك به، هذا من الشيطان، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

فوائد سورة الحجّ

أكثر ما يهم المسلم عند البحث عن سورة الحجّ هو استخلاص فوائدها التي يمكنه تطبيقها في حياته، وهذه بعض فوائد السورة:

  • التأكيد على حقيقة يوم القيامة، وتقوى الله لتجنّب عذابه الشديد الذي وعده للمشركين.
  • الابتعاد عن الجدال بلا علم ولا بيّنة.
  • التأكيد على أنّ من يستطيع خلق الإنسان أول مرة، يستطيع أن يبعثه من قبره يوم الحساب.
  • رب العالمين لا يظلم عباده، لكن الناس يظلمون أنفسهم.
  • تقوى الله والتسليم له يجب أن تكون في أوقات السرّاء والضرّاء على حدّ سواء.
  • كل ما على الأرض وفي السماء يسجد لله تعالى.
  • المسلم والمشرك ليسا على حدّ سواء أبداً عند الله تعالى، فالأول في الجنة، والآخر من أصحاب النار.
  • معرفة أول من نادى الناس بالحجّ، الذي هو إبراهيم عليه السلام.
  • معرفة أن الشيطان كان من أبرز أعداء الأنبياء جميعاً.
  • شكر الله تعالى على نعمه التي لا تُحصى واتّباع أوامره.

خاتمة البحث

نختتم هذا البحث عن سورة الحجّ بالتذكير بمركزية القرآن في حياة المسلم، وفضل قراءته وتعلّمه والعمل بمقتضاه، فالمؤمن لا يكتفي بالقراءة عن السور وتفاسيرها، بل يسعى جاهداً للتطبيق والعمل بأقصى ما يستطيع، وها هو القول المأثور عن التابعي أبي عبد الرحمن السلمي أنّه قال: “كنّا إذا تعلّمنا عشر آياتٍ من القرآن لم نتعلّم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها”.

advertisement